فن تحت الصفر
عبد الصمد لفضالي
مما تعتمد عليه بعض الجرائد و الصحف من أجل الرفع من مبيعاتها و الحصول على “صفقات ” إشهارية، التطرق إلى حياة بعض المحسوبين على الفن من ممثلين و مغنيين و”شيخات”، مستعدين للقيام بأي شيء من أجل خلق جدل سخيف و فارغ و لفت انتباه شريحة معينة من قراء لا يستفيدون و لن يستفيدوا أي شيء من التصريحات البذيئة لهؤلاء “الفنانين” و أفكارهم التي لا تنم إلا عن مستوى فكري دنيء و بعيد عن أي مكرمة أخلاقية. إنه لمن الغباوة و السذاجة تتبع التصريحات و الخرجات البئيسة لهؤلاء “الفنانين”، التي ليست لها علاقة مع أي شيء يرجع بالنفع على البلاد و العباد، كالتكلم عن علاقاتهم الحميمية و مشاهدهم الجنسية و طريقة لباسهم و تزيينهم. كما أنه من المضحك ترويج هؤلاء “الفنانين” لأعمالهم بأنها أحدثت ضجة فنية، في حين هي أعمال و أفلام إباحية تحت مبررات كسر الطابوهات و المحرمات. فأفلام مثل “بوشومة” وما يتضمنه من مشاهد جنسية، لم يخلق أي ضجة عكس ما كان يسعى إليه مخرج الفيلم، و كذلك فيلم”كازانيكرو”، أما فيلم “الزين اللي فيك” فلم يحدث أي ضجة فنية، و إنما هو عبارة عن مقلب لجلب انتباه مراهقين فكريا، فالضجة لم تكن إلا في عقول بعض المخرجين و من استسلم لهم من الممثلين الذين حتى الذكور منهم – من الذكورية وليس من أشياء أخرى- قاموا بلقطات عري شاملة و التلفظ بألفاظ سوقية، من أجل التسابق إلى شهرة منحطة مقرونة بالسخرية و الشفقة في آن واحد، ومن فظاعة غباوة هؤلاء المخرجين و سذاجة الممثلين، أنهم يجهلون أو يتجاهلون بأن أغلبية من يشاهدون هذا النوع من الأفلام لا يقومون بذلك إلا من أجل الفضول أو من أجل أشياء أخرى أقل ما يقال عنها أنها شاذة.
إن القيمين على الأفلام الإباحية، يبررون أعمالهم بأنها تكشف عن مشاكل اجتماعية، في حين أنهم يزيدون من ترسيخ و تفعيل هذه المشاكل،كما أن بعضهم يسعى عن سوء نية و ربما تحت الطلب، إلى التطبيع مع هذه الميوعة و جعلها متجذرة في مجتمعنا، ومن المضحكات المبكيات أنه سبق أن تفتقت عبقرية مقدم أحد البرامج بإحدى القنوات الإذاعية، وروج لاستفتاء حول رجل السنة -أو ما شابه ذلك- بين مفكر مغربي راحل، و مغني يرقص على كلمات لا معنى لها، فهل بلغ بنا الانحطاط الفكري و الأخلاقي إلى هذا الحد حتى نسمح بإنزال المفكر الراحل إلى هذا المستوى الدنيء، إنه يجب على هؤلاء “الفنانين” أن يعرفوا بأن الأصولية لا تحارب بالأعمال الإباحية، و أن التمييع سبب من أسباب التشدد وأن الميوعة و الإرهاب وجهان لعملة واحدة تذمر القيم الإنسانية للمجتمعات. و رغم أن الفن ليس من الأولويات من أجل دوام و بقاء المجتمعات، و السير بها نحو التقدم، فإنه-أي الفن- في تعريفه العام يعني استثمار وقت الفراغ من أجل تحسين الذوق و الترفيه عن النفس.
وفي إطار “الفن و الفنون” فإنه من المثير كذلك للانتباه، عدوى تلك المسابقات الغنائية التي أصابت معظم القنوات العربية، إننا لسنا ضد المسابقات الغنائية، و لكننا مع الفن الراقي، كما نتمنى تخصيص و لو نصف عدد هذه المسابقات إلى منافسات علمية تحفز شبابنا على اقتفاء أسباب التقدم و الازدهار، وان لم تستحيي فاصنع ما شئت.