الفن بين التقييم والتمييع
عبد الصمد لفضالي
في إحدى حلقات برنامج “رشيد شو” بالقناة الثانية، دافعت الممثلة لطيفة أحرار عن مواقفها من “الفن”، خصوصا ما يتعلق بتعريها أمام الجمهور، واكتفائها بلباس البحر في إحدى المسرحيات، كما دافع من قبل ممثل من جيلها عن قيامه بلقطة مقززة في أحد الأفلام الرديئة، وكذلك استماتة بعض “الشيوخ والشيخات” في الدفاع عن فنهم المرتبط بالدوخة والقرعة والليالي الماجنة.
من أين أتى هؤلاء “الفنانين” بهذه الصنطيحة? ومن أين تبلور اعتقادهم بأن ما يقومون به يدخل في إطار الموهبة والفن? فالحرية عندما تتناقض مع الأخلاق تصبح مستنقعا متعفنا يؤذي المجتمع، إن الفن في تعريفه العام هو كل شيء جميل يدخل المسرة على النفس، وكذلك العمل المميز الذي يؤثر في النفوس، كما أن الفن ليس تعبيرا عن حاجة الناس لمتطلبات حياتهم? ومن أهدافه تحسين الذوق والسمو بالأخلاق، والمسرح كفن يعني استثمار أوقات الفراغ من أجل تجسيد الواقع المعيشي لمجتمع ما بهدف معالجة مشاكله.
وتوازيا مع الفن وأهدافه? نجد هؤلاء “الفنانين” مستعدين لفعل أي شيء يتناقض مع الأخلاق و القيم و الكرامة الإنسانية من أجل إثارة الجدل والشهرة والثروة بدعم من متطفلين على الإخراج والإنتاج المسرحي والسينمائي و قناصي الأجر، من أجل المال مقابل ملأ فراغ بعض القنوات الفضائية، ناهيك على ما يحدث من تحرشات واستغلال غباوة الممثلات اللئي يحلمن بشهرة “كوكوت مينوت” كما صرحت الممثلة لبنى أبيضار في إطار اتهامها للممثل سعيد الناصري بالتحرش بها جنسيا أثناء اشتغالها معه في فلم “الحمالة”، قائلة بأنها تتحدى أي ممثلة لم تتعرض للتحرش الجنسي و الابتزاز.
إن المعجبين كما يتبجح هؤلاء “الفنانين” الذين ليس لهم شيء يستحيون من أجله لا يمثلون -أي المعجبون- شيئا بالنسبة لنخبة الفكر وأصحاب الذوق الرفيع من المغاربة، إن الأعمال التلفزية الرديئة لهؤلاء “الفنانين”، لا تشاهد في معظمها إلا صدفة من أجل تضييع الوقت في انتظار برامج بالقنوات التي تحترم مشاهديها، كما أن أغاني “تشياخت” لا تصادف جمهورها إلا في الحانات والملاهي الساقطة، والمسرح أصبح اليوم بسبب دناءته لا يستقطب المشاهدين ولو بدون مقابل، بل لا يتم اللجوء إليه حتى احتماء من سقوط المطر .. إن التطبيع مع التمييع لا يمكن أن يترسخ في مجتمع عرف الأخلاق والقيم الإسلامية، ومهما استهدف هذا المجتمع فلا بد له من العودة إلى قيمه ولو بعد حين.