الصراع السني الشيعي إلى أين ..؟
على امتداد تاريخ الفتنة الكبرى التي مر منها المسلمون في عهد الخليفة علي بن أبي طالب (ض)، التي تصدرها الصراع بين آل هاشم ويني أمية، والذي تحول وتمدد في المذاهب التي خلفها هذا الصراع السياسي، لا يزال التياران معا يحلمان بالانتصار وإنهاء وجود خصم كل منهما التاريخي حتى الآن، رغم أنهما ينتميان إلى دين واحد وتحركهما نفس المشاعر الدينية في فترات الأزمات التي يقودها أعداء الإسلام.
إلى أين إذن يتجه هذا الصراع التاريخي السني الشيعي، الذي أنجب عدة حركات واتجاهات سنية وشيعية، لم تترك السلاح في الصراع بينهما، ولا زالت تتحين الفرص لتشوه من ينافسها في الساحة، ناهيك عن توظيف كل الأسلحة المتاحة أمامها لإبراز نقائص وعيوب خصومها حتى داخل المذهب الشيعي أو السني، ومحاولة اعتبار مرجعيتها المذهبية هي المعنية بقيادة بقية المرجعيات التي تختلف معها، ناهيك عن إعلان نواياها في السيادة على الجميع، حتى وإن كانت تفتقر إلى ما يؤهلها لهذه القيادة في العالم الإسلامي، ومن الثابت أن منظري هذه الجماعات السنية والشيعية يدركون مخاطر هذا الصراع المستمر، وما يمكن أن ينتج عنه ضد جميع الحركات المتصارعة في الوقت الراهن، التي تتجاهل مناورات الصهيونية الماسونية العالمية ومشروعها في تحويل العالم الإسلامي إلى بؤرة صراع واقتتال بين المسلمين، واختلاف الظروف والعوامل التي تؤدي للقضاء عليهم، رغم كل ما يجمعهم في رحاب العقيدة الإسلامية ..؟ وماذا تريد هذه الجماعات الشيعية والسنية من أجل إنهاء هذا الخلاف التاريخي الذي لا يخدمها دينيا وسياسيا ..؟ وهل قدر المسلمين في ظل هذا الصراع المفتوح بينهم أن ينخرطوا في هذا الصراع المذهبي إلى ما لا نهاية ..؟
إنه الصراع من أجل البقاء للأصلح، كما يترجمه هذا التوجه الاستئصالي الذي يقود هذا الصراع السني والشيعي، الذي أصبح بموجبه منظرو وزعماء كل منهما يبحث عن أرقى الأسلحة التي يمكن توظيفها في هذا الصراع المفتعل بينهما، ومن أعداء الإسلام كدين للسلام والتعاون والإخاء بين الشعوب والأديان والحضارات، وما دامت الحرب مفتوحة، فلا أحد من الشيعة والسنة يمكن أن يغير مجرى هذا الصراع، الذي أصبح صراع وجود، وليس صراع اختلافات حول نموذج الحكم الذي يجب أن يسود في العالم العربي والإسلامي وفق التوجه المذهبي الذي يؤمن به كلاهما حتى هذه الفترة الصعبة من التاريخ الإسلامي، الذي يستوجب معالجة أسباب الخلاف وتوحيد الرؤيا وتقوية الالتزام بما يدعو إليه الدين الإسلامي المشترك بينهما في هذا الزمن الدولي، الذي يريد من يتحكم فيه للإبقاء على تخلف المسلمين وحرمانهم من أي تطور أو وحدة تعيدهم إلى أمجادهم التاريخية السياسية والحضارية، التي تمكنوا بفضلها من أن يقودوا العالم في الشرق والغرب لفترات تاريخية لا أحد ينكر منجزاتها الفكرية والعلمية والسياسية والحضارية.
من موقعنا في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، نساءل عقلاء الشيعة والسنة عن ما يجب القيام به لاحتواء هذا الصراع التدميري، الذي سيعمق الجراح والخلافات وسيمنح المسلمين شيعة وسنة من استعادة الزمن الإسلامي الجميل الذي حرص فيه الرسول (ص) على تقوية عوامل الوحدة بين المسلمين، رغم الإكراهات المتعددة التي واجهها خلال فترة البعثة النبوية وبداية تأسيس الدولة الإسلامية الأولى.
ختاما، ندعو المسلمين قاطبة إلى احتواء مبررات الصراع السني والشيعي وتوظيفه فيما يقوي الوجود الإسلامي ويقلل من آثار هذا الصراع، الذي يخدم أعداء وحدة المسلمين ونهضتهم الحضارية في هذه الظرفية التاريخية الإنسانية الجديدة، التي تتطلب منهم امتلاك ثقافتها التقنية والعلمية والاقتصادية والسياسية المتقدمة التي لا مفر منها لجميع المسلمين شيعة وسنة.