هل سيحرك انخفاض أسعار النفط الحكومة على تخفيض الأسعار ..؟
أمام التراجع الكبير في أسعار النفط الخام في الأسواق الدولية، ينتصب السؤال حول سياسة حكومتنا الموقرة في الاستفادة من ذلك، في مواجهة الإكراهات المالية والاقتصادية التي تواجهها، وخصوصا وأنها قررت العمل بقانون المقايسة الذي يتيح لها رفع أو حفظ الأسعار حسب تطور واقع الأسعار في الأسواق الدولية، فهل رئيس الحكومة والوزير المعني بالحكامة بإمكانهما استمرار الاختباء وراء العجز المالي الثقيل ..؟ وهل لباقي وزراء الحكومة الحالية في المالية والاقتصاد والتجارة والصناعة والطاقة والاقتصاد الاجتماعي، الذين فاقمت سياساتهم العمومية نسب البؤس والبطالة والفقر وسط السواد الأعظم من الشرائح الاجتماعية، وخصوصا في تأمين المواد الاستهلاكية والخدمات العمومية.
إننا في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، نعتبر الحكومة معنية وفق التزاماتها بالتراجع عن أسعار المواد الأكثر استهلاكا من طرف فقراء الوطن، والعمل على التفكير والتخطيط لترجمة تطلعات الشعب، بدل الرهان على لغة تبرير الإخفاقات بأخطاء الحكومات السابقة، وعلى إرث الماضي فقط، ومن ذلك احترام قانون المقايسة الذي تدعي الحكومة الاشتغال عليه، فإن كانت شروط الاشتغال عليه قائمة اليوم، فما الذي يمنع وزراء هذه الحكومة من تطبيقه، وخصوصا أن أسعار النفط السابقة هي التي كانت تسمح لهم بتبرير الزيادات في أسعار المواد والخدمات، ونظن في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، أن الظرف الملائم في أن تعيد هذه الحكومة النظر في سياساتها الاقتصادية والتنموية، وتغيير الأهداف والبرامج المسطرة من قبل، تبعا لهذه المتغيرات الجديدة، ونعتبر استمرار رئيس الحكومة في هذه المنهجية التبريرية سلوكا غير صحي، ولا يتلاءم مع معطيات الواقع الوطني، وخصوصا في المغرب الآخر المنسي، الذي لا يزال يفتقر إلى ما يؤهل ساكنته على التأقلم مع التحولات الجديدة في المغرب النافع، ونحن على يقين، أن المطلوب من الحكومة في الظرف الراهن، هو تغيير مسارات سياسة تدبيرها، والإنصات لنبض الشارع ولتوجهات واقتراحات الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين، والانكباب على ترميم الأعطاب المالية والاقتصادية التي تواجهها، بدل الاحتماء وراء شعار قلة الحاجة ومحدودية الإمكانيات، ورمي المسؤولية على الحكومات السابقة، سواء في تخفيض الأسعار أو الزيادة في الأجور، وتمويل مشاريع البنية التحتية وتحسين مناخ الاستثمار العام والخاص، ومعالجة الخصاص في الصناديق الاجتماعية، وخلق فرص الشغل الجديدة، وبرمجة المشاريع التي يمكن أن تقلص الفروق الجهوية والطبقية التي ارتفعت حدتها في ظل الأزمة، التي لم تكن الحكومة قادرة على مواجهتها حتى عهد قريب.
إننا في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، نراهن على التحرك الحكومي السريع لاستغلال هذه الفترة من التراجعات في أسعار النفط، للحيلولة دون اتساع رقعة الأزمة الهيكلية التي تواجهها منذ تعيينها، والتي لم يحمل حديث أو خطاب أو تدخل لرئيسها من الإشارة إليها، وإلى أعبائها التي كانت تحول دون نجاح هذه الحكومة، ونعتقد أنه لم يعد هناك ما يبرر استمرار هذه الوضعية، إلا إذا كانت الحكومة عاجزة فعلا على مواجهة الأزمة وتفتقر إلى الحلول الكفيلة بتجاوزها، وهذا ما يمكن استبعاده من رئيس الحكومة، الذي كان يحرص على ارتباط فشل حكومته بالافتقار إلى الموارد المالية، وهل سيساعده حلفاؤه في الحكومة على بلورة التدبير المالي والاقتصادي، الذي يلائم هذه الوضعية الجديدة، أم أنهم بذلك يفتقرون إلى ما يؤهلهم لتحقيق التقدم المرغوب في أداء وزاراتهم ..؟
لسنا في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، دعاة للتشاؤم أو للتعجيل بفشل الحكومة، ولن تخرج مطالبنا عن ما يعبر عنه المواطنون من تساؤلات واقتراحات لهذه الحكومة التي نتمنى أن تنجح في تدبيرها، وأن تترجم سياستها الاقتصادية على ضوء ضجيجها باستعمال قانون المقايسة، ولنا في تصريح الوزير “الوفا” ما يكشف عن حقيقة الخلل والاضطراب في الأداء الحكومي، حينما يقول: “لا يعقل الزيادة في أسعار مواد حيوية، علما أننا خفضنا الضرائب الجمركية المفروضة عليها” ألا يعني هذا، أن الحكومة لم تعد تقوى على مواجهة اللوبيات التي تتحكم في التجارة الداخلية، وأن هذه اللوبيات أصبحت تفرض قراراتها على الحكومة نفسها .. وبالتالي، ماذا بقي لرئيس الحكومة أن يقول اتجاه هذا الواقع الذي أصبحت فيه التجارية الداخلية تحت رحمة هذه اللوبيات ..؟ وهل لا يزال بإمكانه دغدغة مشاعر فقراء ومسحوقي الوطن بكلامه عن الترشيد والتخليق ومحاربة الريع في الاقتصاد الوطني ..؟.
لن نواصل البحث في المسألة، فالحكومة واعية بالمخاطر والإكراهات التي تواجهها، ونعتقد أنها لا زالت قادرة على الحركة وعلى تحقيق التوازنات الاقتصادية والمالية، وعلى ترجمة برنامجها الذي أقرته في نسختها الثانية، إن كانت لأعضائها نفس المشاعر التي تحركنا كمغاربة يتطلعون إلى تقدم الوطن في جميع المجالات، وإلى أن يكون فعلا في مستوى ثقة الأشقاء والأصدقاء، وهذا ليس بمستحيل على الشعب المغربي الطامح في المزيد من التطور والتحرر والتنمية على غرار ما تعيشه دول الجوار الأوربي والأمريكي، ونختم هذه المقاربة للتأكيد لرئيس الحكومة من أنه لا يزال في الإمكان استعادة ثقة المواطنين في برنامج وأداء الحكومة إذا كان يؤمن بذلك.