بيان النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة بمناسبة اليوم الوطني للإعلام ..
بمناسبة الاحتفال باليوم الوطني للإعلام، الذي يصادف 15 نونبر من كل سنة، المناسبة التي تعتبر وقفة تأمل يتم من خلالها وقوف المهنيين على مستجدات الحقل الصحافي والإعلامي الوطني، وموعدا سنويا لتثمين المكتسبات التي تحققت، كما المطالبة بالحقوق المشروعة التي يضمنها القانون .. من أجل ذلك، عقدت الأمانة العامة للنقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، -التي مرة أخرى .. أثبتت، أنها قوية، خطابا وحكمة .. والتي ظلت، ومنذ ولادتها ترحب بالنقد البناء، الذي يساهم في ارتقاء مهنة المتاعب، وتؤمن بالتعددية النقابية، وبثقافة اختلاف الآراء، خلافا لما تقدم عليه بعض المنظمات النقابية، التي تنشط في الميدان-، جلسة عمل مطولة، خُصصت لمناقشة ما أل إليه الواقع الصحفي والإعلامي ببلادنا، موازاة مع ما يشهده الوطن من حراك سياسي واجتماعي، في أفق دسترة وتخليق الحياة العامة، ودمقرطة المؤسسات، وإقرار دولة الحق والقانون، كما تطرق المجتمعون في الآن نفسه إلى التراجع الذي عرفته وضعية حرية الصحافة، الذي يتجلى في بعض المحاكمات، وكذا الاعتداءات، وعمليات القمع والانتهاكات، والمضايقات المرفوضة، -التي لاسبيل لإعادة ذكرها- التي تعرض لها المهنيون، طيلة السنة الفارطة أثناء قيامهم بالتغطية للعديد من التظاهرات والوقفات الاحتجاجية بمختلف المدن المغربية، والتي ترمي إلى لجم كل الأصوات المنددة، والمعارضة لتوجهات بعض اللوبيات التي أوصلت الوطن إلى ما هو عليه من تراجع وتأخر بنيوي، جعله عرضة لنقد المنظمات الدولية في كل المجالات من جهة، ومن جهة أخرى لثني الصحافيين والإعلاميين عن فضح الفساد، والتشهير بمن ثبت تورطهم في قضاياه، والغرض منها على العموم، إخراس صوت الصحافيين، وبخاصة، أولائك الذين ينتمون لمجال الصحافة المستقلة، دون أن يفكر أصحاب هذه التصرفات اللامسؤولة والخارجة عن حدود اللياقة في التعامل، في أن هؤلاء الصحافيين والإعلاميين ليست لهم مشاكل مع الوطن، سوى أنهم يريدون اطلاع الرأي العام الوطني على ما يدور حوله، وما يستجد من أحداث في الساحة الصحفية الوطنية والدولية، حرصا منهم على مصداقية الإعلام، وجعله مواكبا لما يشهده ميدان الاتصال من تطورات، وما يتطلبه الوضع الحالي للبلاد، وما يسعى إليه المواطن المغربي، الذي يريد الوصول إلى إعلام حر، يقترب من اهتماماته.
وفي نفس المناسبة، تطرق أعضاء الأمانة العامة للنقابة إلى تعنت وإصرار بعض المالكين لزمام أمور إعلامنا المغربي، على تسيير المرافق العمومية حسب مزاجهم وعقليتهم البيروقراطية، التي تميل في تعاملها مع فعاليات الحقل الصحافي والإعلامي إلى أسلوب المحسوبية والزبونية، مما يسمح بزرع الفتنة والتفرقة فيما بين أفراد الجسم الصحفي والإعلامي .. ! ولم تفت أعضاء الأمانة العامة المناسبة دون الوقوف على سياسة الإقصاء والتهميش، والمنع اللاقانوني والغير مبرر، التي ينهجها العديد من المسؤولين، سواء منهم الذين يسهرون على تسيير الجهات الحكومية الرسمية أو المنتخبين، أو بعض جمعيات المجتمع المدني، بحيث مُنع الكثير من الصحافيين والمراسلين والمصورين من تغطية أشغال الدورات العادية لشهر اكتوبر المنصرم من طرف بعض رؤساء المجالس، في ضرب صارخ للحق الدستوري المتعلق بالحصول على المعلومة، وقبلهم أقدم بعض المسؤولين المكلفين بتسيير الملاعب الرياضية، على منع الصحافيين والمراسلين والمصورين الذين لا يتوفرون على بطائق الانتماء إلى الرابطة المغربية للصحافة الرياضية من ولوج الملاعب قصد تغطية المقابلات الرياضية، وليس هذا فحسب، بل انتقلت العدوى إلى رئيس بيت الصحافة، خلال اللقاء التواصلي الذي نظمته وزارة الاتصال بمدينة طنجة، يوم 18 اكتوبر 2014، من أجل مناقشة مشروع مدونة الصحافة والنشر، (المثيرة للجدل) بحيث مَنَعَ هذا الأخير، ممثل النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة بجهة طنجة تطوان من تقديم مداخلة في الموضوع، بدعوى أن اللائحة الرسمية للمتدخلين في اللقاء أنجزت داخل دواليب الوزارة بالرباط .. وهكذا، حرمت النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة من المشاركة التي هي حق وليست منة من أحد.
وفي هذا السياق، أكد المنظمون لهذه الجلسة، أنه لا يجوز إقصاء، أو قمع الصحافيين والإعلاميين، ولاسيما في هذا العهد الجديد، عهد التغيير والإصلاح السياسي، وعهد ما بعد فاتح يوليوز 2011، بحيث أصبح ذلك (القمع) من مخلفات الماضي الذي ولى بدون رجعة، الظاهر أنه حتى الآن، لم يستوعب الذين بيدهم تدبير الشأن الصحافي والإعلامي الوطني، أن الإقصاء والتعنيف والمنع بهذا الشكل لا يشكل ظاهرة حضارية، أكثر مما يدعو إلى النفور والتأثير الكبير على واقع حريات الرأي والتعبير والحقوق الصحفية المكتسبة .. و قد شدد المشاركون في هذه الجلسة على أنه لا يجب أن ينظر إلى الصحافي كأنه عدو ومشروع تخريب، كلما حاول تعرية المستور أو عمل على فضح ما يراه يستحق الفضح، حرصا منه على أن تضطلع الصحافة المغربية بدورها الحقيقي، وتتحرر من أي قيود على حريتها.
وكتتويج لهذه الجلسة المهمة التي دعت ‘ليها المناسبة، لم يفت المجتمعون التطرق أيضا إلى ما يعرفه المنتوج
الصحفي من تدهور وسطحية، وهزال مضامين الأعمال الصحفية في مختلف المنابر، سواء منها الورقية أو الالكترونية، وحتى وسائل الإعلام السمعي البصري، على اختلاف تنوعها، سواء الرسمية منها أو الخاصة .. مما يوضح انسداد الآفاق .. وضعف المستوى وغياب الإبداع والاجتهاد إلى جانب إكراهات الواقع، الذي يتجاوز إمكانيات ومؤهلات القائمين عليها، الشيء الذي يحول بينهم وبين تقديم المنتوج الصحفي الوازن والمطلوب، الذي يمكنه أن يعكس الأحداث المهمة في البلد، وقد وجدتها الأمانة العامة للنقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، المناسَبة المناسِبة لحث كل المهنيين المنضوين تحت لوائها على الخصوص، وكافة الفاعلين في الميدان الصحفي والإعلامي الوطني على وجه العموم، على العمل من أجل تطوير المنتوج الصحفي، وترقيته بالشكل الذي يستجيب لانتظارات الرأي العام الوطني، الذي يتطلع إلى الإعلام الوطني المهني المستقل، القادر على أن يجسد على الأرض حقيقة السلطة الرابعة، التي نصت عليها جميع دساتير الوطن، مذكرين كل الفاعلين في الحق الصحافي والإعلامي، بان لبلدنا المغرب ولمهنة المتاعب التي نحن خدامها حقوقا من الواجب علينا مراعاتها.
في الختام، ومن باب أهل مكة أدرى بشعابها، ركز منظمو اللقاء على أنهم طرحوا هذه الملاحظات والاقتراحات بمناسبة اليوم الوطني للإعلام، الذي هو ليس ككل الأيام، بل هو يوم خاص بتقييم حرية العمل الصحفي، وليس حجب الواقع المر الذي يعرفه مشهدنا الإعلامي والصحفي، وفي نفس الوقت، لإجراء قراءة متأنية لما عرفته سنة مضت من أحداث ووقائع، لا تليق البتة ببلد يدعي أهله الديمقراطية والحداثة .. وهكذا، يكون المنظمون أرادوا في نفس الآن، دق الناقوس، من أجل إثارة انتباه الحكومة المغربية على العموم، ووزارة الاتصال الوصية على القطاع على وجه الخصوص، التي لا يجب أن تبقى مكتوفة الأيدي وتتفرج من بعيد، وكأن الأمر لا يهمها، لأن أخطر جريمة يمكن أن نرتكبها في حق مهنتنا ووطننا، هي أن نواصل الهروب، وترك الحبل على الغارب، وفسح المجال للآخرين ليعبثوا بمصير وطننا، وبمصيرنا، ومصائر أبناء الأجيال القادمة، وهذا ما يدفعنا في الأمانة العامة للنقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، إلى حث الجميع على التصدي لكل المظاهر التي لا تمت للمهنية وللوطنية بصلة، إنما فقط تسيء إلى الحقل الصحفي والإعلامي ومن خلاله لسمعة الوطن، وإلى الفاعلين مباشرة.
وللتذكير، فإن النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، طرحت كل هذا، من منطلق تمثيلها لخدام مهنة المتاعب، الذين من واجبهم عليها إيصال أصواتهم إلى الجهات المسؤولة لوضع حد للفوضى المستشرية في الميدان من جهة، والقضاء على الاحتكاريين، الذين “تعج” بهم الساحة من جهة ثانية، كما إتاحة الفرص المواتية من جهة أخرى، لمواكبة التحول السياسي والإصلاحات التي تعرفها البلاد في ظل العهد الجديد، وقبل انفضاض الاجتماع، عبر أعضاء الأمانة العامة على أن النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، هي أمانة في أعناقهم، وأنهم ملتزمون بالمحافظة عليها حتى يتأتى لهم تسليم مشعلها لمن يواظب على ذلك، لتبقى شامخة على مدى الأجيال المقبلة، وتظل على الدوام، المدافع الأول عن الجسم الصحفي والإعلامي بكل مكوناته، متصدية لكل مراكز النفوذ، التي تحاول تهجين وتدجين الإعلاميين والصحافيين للدفاع عن مصالحها الفئوية الضيقة، وللذين تضايقهم الصحافة، وخصوصا المستقلة، الذين يحلو لهم الاستخفاف بدور ومكانة الصحافيين، والإجهاز على حقوقهم، والذين يراهنون على تقليص الهامش المتاح من الحرية، عليهم أن يدركوا أنه لا يمكن تغطية الشمس بالغربال، وليعلموا جيدا أن الفاعلين المهنيين ماضون في نضالهم، مهما كانت الفرامل والحواجز والقيود، وذلك للمحافظة على حرية الصحافة ونزاهتها، سواء أحب ذلك أعداء كلمة الحق أو كرهوا.