التعددية والبلقنة في المشهد الحزبي والنقابي الوطني ..!
لا أحد يعترض عن شرعية ولادة أي تنظيم جديد من رحم أو من خارج أي تنظيم يفشل في المحافظة على وحدة وقوة وتماسك تنظيماته الوطنية أو الجهوية أو الإقليمية، ومن جهة أخرى، لا أحد يؤيد بلقنة المشهد الحزبي والنقابي الذي يحرض عليه العناصر والفئات الأقل إيمانا والتزاما بالقوانين في أي تنظيم، كما أنه من العبث اللجوء إلى تبرير الأخطاء بهذه السلوكات التخريبية في الحياة التنظيمية من قبل من يعتقدون أنهم محصنون من النقد والمعارضة، إذا لم يكونوا في مستوى المسؤولية والمهام التي تسند إليهم في أي تنظيم حزبي أو نقابي أو مدني .
إن هذا الرأي الذي نطرحه من موقعنا في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، ينسجم مع قناعاتنا المهمة في الدفاع عن حرية التعبير والاختيار والتنظيم، ومناهضة كل من يريد أن يصادر حق الآخر في الاختلاف في الرأي والتوجه، مما يعني أن التزامنا مطلقا مع الذين يختلفون معنا حتى داخل نقابتنا .. فنحن لسنا رعية طيعة ومسلوبة من حقوقها الإنسانية، ومن يلتحق بنا بإرادته ووعيه الشخصي يجب أن يعلم أنه غير محصن أو معفى من المساءلة والنقد، إذا ما أخطأ في حق النقابة، مهما كان موقعه فيها .. وبالتالي، أن إيماننا بالتعددية لا يعني الفوضى العبثية، أو البلقنة التخريبية أو التشرذم النفعي الضيق والرخيص .. ومن يوجد في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، له الحق في التعبير عن قناعاته التي لا تتناقض مع قوانينها الأساسية والداخلية، وله الحق في المبادرة والفعل الذي يخدم النقابة، تنظيرا وتأطيرا ونضالا ولا شيء غير ذلك في النهاية، وبكل تأكيد، من حق القواعد والمسؤولين في الهياكل الداخلية لأي تنظيم الاحتجاج والرفض والنقد إذا ما انحرفت الأجهزة الوطنية للتنظيم الحزبي أو النقابي أو المدني، أو لجأت هذه الأجهزة إلى الانفراد بالقرار والتخلي عن الالتزام بالقوانين التي توجه وتضبط سلوك جميع المناضلين، أو تجاهلت الديمقراطية الداخلية، أو بدأت تمارس ما يكرس الاستبداد والفساد داخل التنظيم أو تجاهل المطالب والمواقف التي يعبر عنها المناضلون في الفرع والمنظمات الموازية، لكن هذه السلوكات لا تعطي الحق لمن يلجؤون إلى تبرير أخطائهم بسلوكات تخريبية وطرح الانفصال والانسحاب أو الانشقاق في مواجهة مثل هذه المشاكل الوهمية، التي يتخيلها هؤلاء شرعنة وتزكية سلوكاتهم المنحرفة داخل التنظيم، خصوصا التي تستهدف القيم والمبادئ التي توجه جميع المناضلين في هذا التنظيم، وتلميع السلوكات التي تتعارض مع توجهات التنظيم أفقيا وعموديا.
وإذ نطرح في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة هذه القضية للنقاش العمومي فمحركنا لذلك ينبع من الحرص على سلامة التوجهات النضالية لنقابتنا، ورفض مثل هذه النماذج من السلوكات التي يلوح بها العاجزون عن احترام ما يربطهم كباقي المناضلين في تنظيماتهم الحزبية والنقابية، لأجل ذلك، نقول أن من يعملون على تشجيع البلقنة والتشرذم في أي حزب أو نقابة أو جمعية مدنية هم من نموذج المناضلين الفاشلين الذين لا يترددون في التعبير عن سلوكاتهم الاتهازية المفضوحة.
إن الجوء إلى البلقنة والتلويح بالاستقالة لتبرير العجز والفشل سلوك مألوف في مشهدنا الحزبي والنقابي والمدني، أما المخلوقات التي تقوم بذلك تعرف أنها بهذه السلوكات تؤكد على عدم صلاحيتها في ممارسة المسؤولية الملقاة على عاتقها، وغالبا ما تلجأ إلى ذلك بتوجيهات من أولياء النعمة، الذين يسخرونها لمثل هذه الأعمال التخريبية القذرة .. وبالتالي، تحكم على نفسها بعدم القدرة على الوفاء والانضباط والالتزام بالقيم التي تجمع كافة المناضلين داخل التنظيم، وأصحابها يكونون في النهاية من الطابور الخامس المعروف بعربدته وسلوكاته المأجورة، التي تسعى إلى التخريب أكثر من البناء في المشهد الحزبي والنقابي، لذلك، نعتبر في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة أن التعددية ظاهرة صحية، إذا كانت ستعالج الخلل في التنظيمات الحزبية والنقابية التي يضطر مناضلوها إلى تأسيس منظمات جديدة، أما أن تتم البلقنة لمجرد تطلعات البعض في الركوب على أحزابهم ونقاباتهم، فهذا يؤشر على الانتهازية في سلوك الأفراد والتيارات داخل الأحزاب والنقابات، ومن الإنصاف أننا نشارك الأصوات المطالبة بالديمقراطية والاختلاف في الرأي داخل الأحزاب والنقابات، ولا نطمأن كنقابة مستقلة للصحافيين المغاربة، إلى من يراهنون على البلقنة لزعزعة ثقة القواعد في أجهزتها الوطنية للتغطية على عجزهم في تحمل المسؤولية الملقاة عليهم من جهة، وتلميع وجودهم القزمي القاصر عن إدراك أهمية الالتزام والانضباط وتحمل الانتقادات الموجهة إليهم من باقي المناضلين في الحزب أو النقابة، ناهيك عن الرهان عن البلقنة لتزكية هذا السلوك الاندفاعي الذي يفتقر إلى أبسط المؤهلات التي تترجم مصداقية تقديم الاستقالة وتأسيس منظمات حسب المقاس والتطلعات المرضية السلطوية الملموسة، حيث لا يمكن للمناضل الذي يثق في وعيه والموقع النقابي والحزبي الذي يوجد فيه أن يفكر مثل هذا السلوك الذي لجأ إليه عادة المصابون بالانفصام في الشخصية للتعويض عن النقص الملموس على أكثر من صعيد في سلوكهم اليومي، ولا يشعرون بتداعياته على توازنهم النفسي والعقلي والبيولوجي، والثابت في مثل هذه الحالات المرضية أن أصحابها لا ينتبهون مبكرا إلى الأعراض التي تشير إلى هذه الأمراض النفسية والاجتماعية الملموسة في تجليات سلوكاتهم المضطربة المترجمة لهذه الأمراض، وفي غالب ما يترجم إفرازات هذه الأمراض من وصلوا في حالاتهم المرضية إلى درجات متقدمة في الإصابة المرضية، وغالبا ما يتم تحررهم وعلاجهم في الوقت المناسب، سواء من قبلهم أو ممن يشرفون على علاجهم، وتظهر الأعراض المرضية عادة على ما أصبح يعرف باليسار الطفولي الذي لا يؤمن بالالتزام والانضباط في سلوكه الشخصي، نتيجة مضاعفات الأمراض النفسية التي يعاني منها في تواصله مع الواقع اليومي الذي يرغمه على هذه السلوكات المرضية الواضحة.