أخبارغير مصنفمتفرقات

اسمهان الوافي وجه اليوسفية المشرق في مرآة واقع مدينة عاتم

 

ذ. يوسف الإدريــــسي

في لحظة مفعمة بالفخر، اختارت مجلة التايم الأمريكية الخبيرة الزراعية اسمهان الوافي، ضمن قائمة أقوى 100 شخصية مؤثرة في العالم لسنة 2025، ولم يكن هذا مجرد اختيار عابر، فقد كتب بيل غيتس، الشخصية العالمية الشهيرة، مؤسس (مايكروسوفت)، مقالا في نفس المجلة يشيد فيها باسمهان قائلا: لدى اسمهان الوافي المفاتيح التي بوسعها إنقاذ العالم وتوفير الغذاء الذي يحتاج إليه مستقبلنا انتهى كلام غيتس .. لكن، لم ينته كلامي بعد

ما لا تعرفه مجلة التايم، وربما لا يعرفه بيل غيتس نفسه، هو أن هذه المرأة الاستثنائية من مواليد مدينة اليوسفية، ومن حي السلام أو حي (الراية) كما يسمونه اليوسفيون

نعم، من حي بسيط يئن تحت وطاة التهميش ولازال حاله إلى الآن، خرجت امرأة تهز أروقة العلم والسياسة الزراعية العالمية بقدرتها على التأثير في مستقبل الأمن الغذائي للبشر

وبينما تحتفي المنابر الدولية بإنجازات اسمهان، أجدني أتساءل بمرارة: ماذا لو قررت اسمهان هذه الأيام زيارة أقاربها بحيها القديم ..؟!

هل ستتمكن من تجاوز حفر شارع إعدادية عمر الخيام، أم ستتعثر في سوق (الجوطية) المتهالك ..؟!

وهل ستستطيع أن تمشي بخطى ثابتة بين (السكتين) دون أن تسرقها الذكريات وتخنقها رائحة الإهمال المتصاعدة من فضاء سوق ليس له من الفضاء إلا الاسم ..؟

ولأكون رحيما ومنصفا، لن أتخيل زيارتها خلال فصل الشتاء، حتى لا أثخن جراحها ولا أثقل عليها مشهد وادي (كشكاط) وهو يغمر الحي ويحول شوارع حيها القديم إلى مجرى مائي يذل ما تبقى من كرامة الساكنة، تماما كما يذلهم التجاهل وسياسة التهميش المقصود

هذا التناقض الفادح بين ما أنجبته اليوسفية من مجد، وبين ما تعانيه من تهميش، يجعل من قصة اسمهان الوافي مرآة تعكس واقعا قاسيا إلى حد الحسرة والغثيان .. واقع لم يعد ينفع فيه التزيين ولا التغني بالماضي، بل يحتاج إلى عمل، إلى رؤية، إلى تغيير جذري يعيد لهذه المدينة اعتبارها، بل ويمنح أبناءها فرصة ليكونوا مؤثرين، لا فقط على الورقة الانتخابية، بل على الأرض التي أنجبتهم وبسطت بساطها لتفجير طاقاتهم وتعزيز إمكانياتهم

نعم، نفرح حين نرى أبناء مدينتنا يحققون النجاح ..  ولكننا، نحزن أكثر حين نرى نفس المدينة عاجزة عن مواكبة هذا النجاح .. عاجزة عن أن توفر لأطفالها الحد الأدنى من بنية وفضاءات تمكنهم من الحلم، كما حلمت اسمهان ذات يوم

ختاما أتساءل؛ هل نكتفي بالاحتفال الرمزي، أم نحول هذا الإنجاز إلى جرس إنذار، نعيد به النظر في أولوياتنا المحلية أي آلامنا وآمالنا ..؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق