
مركز أريج للدراسات والأبحاث بتالسينت
بواسطة – ميمون بوركبة
يواصل مركز أريج للدراسات والأبحاث بذل جهود كبيرة من أجل خدمة قبائل أيت سغروشن في تالسينت، رغم الظروف الصعبة التي يواجهها المركز من حيث ضعف الإمكانيات وغياب الدعم الكافي، إلا أن المركز يظل عازمًا على تحقيق رسالته في التعريف بموروث المنطقة الثقافي والتاريخي الغني، ومن بين أبرز هذه الجهود التي يفتخر بها المركز هو إصدار الكتاب الأخير، الذي يحمل عنوان “تالسينت الإنسان والمجال .. دراسات في التاريخ والمقاومة والتراث”، الذي يعكس التزام المركز العميق بمواصلة العمل على توثيق تاريخ المنطقة ومقاومتها وأبعادها التراثية .. يُعد هذا الكتاب إضافة نوعية للبحث والدراسة، ويُظهر كيف أن المركز، رغم تحدياته، لا يزال يسعى إلى نشر الوعي وتعميق الفهم بتاريخ وثقافة قبائل أيت سغروشن
نبذة عن الكتاب :
يتناول الكتاب موضوعات عدة، وتمت معالجته وفق زاوية مبتكرة مكنته من طرح العديد من الأسئلة المفتوحة التي تحفز القارئ على التفكير العميق وتجاوز المفاهيم السائدة .. فقبائل آيت سغروشن كان لها دور فعال في مقاومة الاستعمار بالجنوب الشرقي، ولا أدل على ذلك تلك المعارك البطولية في بداية القرن العشرين، مثل معركة المنابهة ومعركة بني تجيت .. إذ، إن التضحيات الجسام التي قدمتها هذه القبائل رغم نقص الموارد وضعف التنظيم كانت كفيلة بتوضيح أسباب فشل المقاومة، مثل التفوق العسكري، وكذا الأسلحة التي استعملها المستعمر .. بالمقابل، فالطرح المقدم يبين بجلاء كيف ساهمت هذه القبائل في تعزيز الهوية المغربية عبر الدعم الأكيد للمقاومة
نقطة أخرى ناقشها الكتاب تتعلق بالهوية الثقافية، رسمت وفق منظور استراتيجي يهدف بالأساس صيانة المجتمع لأصالته، رغم الصعوبات والتحديات التي تواجه الهوية، مثل العولمة والتهديدات الثقافية الحديثة .. فالمجتمع وعبره الإنسان ملزم أيما التزام بدمج التقليد والحداثة وفق خارطة طريق واضحة المعالم، هدفها الحفاظ على التراث الثقافي الفريد للمنطقة .. هذا الحفاظ إنما يمر عبر التثمين والتطوير المستدام الكفيل بالوصول لغاية تحقيق التنمية الترابية ومن خلالها العدالة المجالية التي يتوخاها المواطن المغرب
ومن المواضيع الرنانة التي استأثرت باهتمام الباحثين، نجد كذلك شعر المقاومة ضد المستعمر الفرنسي .. هذا الشعر الذي يعبر عن الروح القتالية والفخر والمجد، رغم الخسائر التي تكبدها المغاربة .. لكن، التمسك بالأرض كان فوق كل الاعتبارات، بل ويؤكد هذا الشعر الرغبة الأكيدة في تقديم الغالي والنفيس من أجل الحرية والانعتاق، وهذا ما جعل الشعر يحظى بدور فعال في استنهاض الهمم وتحفيز المقاومة في المناطق الأمازيغية مع حشد أكيد للقوى الشعبية وجعلها على أهبة الاستعداد رغبة في تحرير مختلف الأراضي المغتصبة
في النهاية، يمكن التأكيد على أن الكتاب، إنما هو لبنة أساسية و وثيقة هامة ستساهم حتما في دراسة تأثير التراث على الهوية الثقافية والمقاومة في الجنوب الشرقي المغربي .. والكتاب الذي يجمع بين التاريخ والأركيولوجيا والأنثروبولوجيا والسوسيولوجيا، لا يمكن أن يكون إلا نبراسا سينير الباحثين والدارسين، حيث توفير رؤية شاملة عن كيفية تأثير التراث في النضال ضد الاستعمار وتأكيد الهوية الوطنية باعتبارها من أولوية الأولويات