الفقه الإسلامي بين مختلف القراءات (تابع)
إن للفقه الإسلامي حماته ورعاته ومفكريه، و لايصح على الإطلاق من المصدقين والمكذبين الاستغراق في هذا الحوار العدمي الاستئصالي، الذي لاينور المؤمنين بمقاصد وأهداف هؤلاء المتكلمين الجدد، الذين يبحثون في هذا الفقه الإسلامي من أجل تدميره وتفكيكه، وحتى وإن كانوا مجبرين على ذلك .. ويحز في العقل قبل النفس، وفي الضمير هذا التهافت على تسجيل الحضور في هذه الفئة المذهبية الطائفية التي لا تساعد على إصلاح وتحرير الفقه الإسلامي ومواكبته للعصر والمناهج الحديثة .. وفي هذا الإطار، نهمس في آذان الباحثين الفضوليين استعمال ما يعتبر من الأسلحة وثقافة التدمير ضد مشروعية تراثنا الثقافي الديني، بالرغم مما فيه من تناقضات ومغالطات غير صحيحة
لن نسمح لأنفسنا بالقبول بهذه الترهات والانحرافات، أن تفرض نفسها على الوعي الإسلامي الفردي والجماعي، وحتى إذا كان لا مفر من ذلك، فعليها أن تظل معبرة عن مجرد اجتهادات لا ترقى أن تصبح مهيمنة ومحنطة في كل موروثنا الفقهي، حتى وإن كان أصحابها في فترات القيام بذلك مرغمون على إنتاج وفرض شرعية هذه النصوص التي تعتبر اليوم موضوعات للخلاف والصراع بين المصدقين والمكذبين، الذين يستهدفون الفقه الإسلامي بدون وضوح في الخلفيات التي تحركهم للقيام بهذه القراءات النقدية، التي لا يزال معظمها يفتقر إلى المصداقية
إن التعامل مع القرآن والسنة النبوية وفق اختيارات هؤلاء لا تخرج عن السفسطة والهرطقة والزندقة التي لا يضيف جديدا، سواء في مناقشة مناهج تحليل الموروث الفقهي، و لا في لامصداقية شرعية هذه النصوص من حيث قطعية ثبوتها وظنية هذا الثبوت في الوقت الذي تزايدت فيه الهجمة المشككة والمدمرة لهذا الموروث الثقافي الديني الإسلامي، التي تتصيد الأخطاء وأشكال الجنوح في التعاطي مع التراث الفقهي
بطبيعة الحال، المتصدرون في هذا الخروج المزعج والمنحرف في الكثير من المساهمات يستغلون مواقفهم الجديدة في الإعلام الرقمي البديل للنيل من خصومهم، وتأخير تقدم مشروع التجديد للحقل الإسلامي القادر على تناول معارضته الدينية بمناهج العصر، والبحث في هويته في أفق الاتقاء بمناهج فهمه وشرحه وتحقيق مواكبته للتحولات الراهنة التي تراجع فيها الاعتماد على التصورات المقيدة لحرية البحث والتحليل
من هذا المنظور، نقول في الأمانة العامة للنقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، لكافة المتدخلين، أن الرهان على تلميع قناعاتهم اتجاه هذا الموروث الديني، لن يساعد في تطور التعاطي مع نصوصه والاجتهاد في تحديث مناهج تحليله التي يترقبها العقل الإسلامي المعاصر من جميع المتدخلين، الذين يجب أن يضعوا مصالح المسلمين على رأس أولوياتهم في مشاريعهم من أجل إعلاء الفعل والمنهج العالمي في شرح وتحليل نصوص السنة والقرآن، التي تظل بعللها ومتناقضاتها شهادات حية على الفترات التاريخية التي نشأت فيها منذ القرنين الثاني والثالث الهجريين