الاحتفال باليوم الوطني للإعلام
بمناسبة الاحتفال باليوم الوطني للإعلام، الذي يصادف 15 نونبر من كل سنة .. المناسبة التي تعتبر وقفة تأمل يتم من خلالها وقوف المهنيين على مستجدات الحقل الصحافي والإعلامي الوطني، وموعدا سنويا لتثمين المكتسبات التي تحققت، كما المطالبة بالحقوق المشروعة التي يضمنها القانون .. من أجل ذلك، ومرة أخرى .. أثبتت النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، أنها قوية، خطابا وحكمة .. والتي ظلت، ومنذ ولادتها(1999/01/29) ترحب بالنقد البناء، الذي يساهم في ارتقاء مهنة المتاعب، وتؤمن بالتعددية النقابية، وبثقافة اختلاف الآراء، وفي وقفة مطولة، خُصصت لمناقشة ما أل إليه الواقع الصحفي والإعلامي ببلادنا، نظرا لما استجد من تراجع في وضعية حرية الصحافة، الذي يتجلى في بعض المحاكمات، وكذا الاعتداءات، وعمليات القمع والانتهاكات، والمضايقات المرفوضة، -التي لاسبيل لإعادة ذكرها- التي تعرض ويتعرض لها المهنيون، خلال السنة الحالية أثناء قيامهم بالتغطية للعديد من التظاهرات والوقفات الاحتجاجية بمختلف المدن المغربية، وكذا ضد ما يبذلونه المهنيون من مجهود لمكافحة الفساد و المفسدين، وما تقدم عليه بعض اللوبيات التي أوصلت الوطن إلى ما هو عليه من تراجع وتأخر بنيوي، الذي أدى إلى تعرض المغرب لنقد المنظمات الدولية في كل المجالات من جهة، ومن جهة أخرى لثني الصحافيين والإعلاميين عن فضح الفساد، والتشهير بمن ثبت تورطهم في قضاياه، وكل هذا الغرض منه على العموم، إخراس صوت الصحافيين، وبخاصة، أولائك الذين ينتمون لمجال الصحافة المستقلة، دون أن يفكر أصحاب هذه التصرفات اللامسؤولة والخارجة عن حدود اللياقة في التعامل، في أن هؤلاء الصحافيين والإعلاميين ليست لهم مشاكل مع الوطن، سوى أنهم يريدون اطلاع الرأي العام الوطني على ما يدور حوله، وما يستجد من أحداث في الساحة الصحفية الوطنية والدولية، حرصا منهم على مصداقية الإعلام الوطني، وجعله مواكبا لما يشهده ميدان الاتصال من تطورات، وما يتطلبه الوضع الحالي للبلاد، وما يسعى إليه المواطن المغربي، الذي يريد الوصول إلى إعلام حر، يقترب من اهتماماته
للإشارة، فتعنت وإصرار بعض المالكين لزمام أمور إعلامنا المغربي، والساهرين على تسيير المرافق العمومية حسب مزاجهم وعقليتهم البيروقراطية، التي تميل في تعاملها مع فعاليات الحقل الصحافي والإعلامي إلى أسلوب المحسوبية والزبونية، المتسببين في زرع الفتنة والتفرقة فيما بين أفراد الجسم الصحفي والإعلامي .. ! دون الوقوف على سياسة الإقصاء والتهميش، والمنع اللاقانوني والغير مبرر، التي ينهجها العديد من المسؤولين، سواء منهم الذين يسهرون على تسيير الجهات الحكومية الرسمية أو المنتخبين، أو بعض جمعيات المجتمع المدني، بحيث مُنع الكثير من الصحافيين والمراسلين والمصورين من تغطية أشغال الدورات العادية من طرف بعض رؤساء المجالس، في ضرب صارخ للحق الدستوري المتعلق بالحصول على المعلومة، وقبلهم أقدم بعض المسؤولين المكلفين بتسيير ملاعب كرة القدم، على منع الصحافيين والمراسلين والمصورين الذين لا يتوفرون على بطائق الانتماء إلى الرابطة المغربية للصحافة الرياضية من ولوج الملاعب قصد تغطية المقابلات الرياضية
للتذكير، فليعلم الذين تقلقهم الصحافة المستقلة، أنه لا يجوز إقصاء، أو قمع الصحافيين والإعلاميين، ولاسيما في هذا العهد الجديد .. عهد التغيير والإصلاح السياسي، وعهد ما بعد فاتح يوليوز 2011، بحيث أصبح ذلك (القمع) من مخلفات الماضي الذي ولى بدون رجعة .. الظاهر، أنه حتى الآن، لم يستوعب الذين بيدهم تدبير الشأن الصحافي والإعلامي الوطني، أن الإقصاء والتعنيف والمنع بهذا الشكل لا يشكل ظاهرة حضارية، أكثر مما يدعو إلى النفور والتأثير الكبير على واقع حريات الرأي والتعبير والحقوق الصحفية المكتسبة
ومن باب أهل مكة أدرى بشعابها، فإن مناسبة اليوم الوطني للإعلام، هو ليس ككل الأيام، بل هو يوم خاص بتقييم حرية العمل الصحفي ببلادنا، وليس حجب الواقع المر الذي يعرفه مشهدنا الإعلامي والصحفي الوطني، و مناسبة، لإجراء قراءة متأنية لما عرفته سنة مضت من أحداث و وقائع، لا تليق البتة ببلد يدعي أهله الديمقراطية والحداثة، واستعداده لتنظيم كأس العالم مستقبلا .. وهذا لا يمنعنا من دق الناقوس المنبه، من أجل إثارة انتباه الحكومة المغربية على العموم، و الوزارة الوصية على قطاع الاتصال على وجه الخصوص، التي لا يجب أن تبقى مكتوفة الأيدي وتتفرج من بعيد، وكأن الأمر لا يهمها، لأن أخطر جريمة يمكن أن يرتكبها المرء في حق مهنته و وطنه، هي أن يواصل الهروب، وترك الحبل على الغارب، وفسح المجال للآخرين ليعبثوا بمصير المهنة و الوطن، وبمصائر أبناء الأجيال القادمة، لهذا يجب التصدي لكل المظاهر التي لا تمت للمهنية وللوطنية بصلة، والتي تسيء فقط إلى الحقل الصحفي والإعلامي ومن خلاله إلى سمعة الوطن، وإلى الفاعلين مباشرة
وخلاصة القول بمناسبة هذا اليوم الوطني للإعلام، هذه رسالة إلى الذين يحلو لهم الاستخفاف بدور ومكانة الصحافيين -وخصوصا المستقلين-، والإجهاز على حقوقهم، والذين يراهنون على تقليص الهامش المتاح من الحرية، عليهم أن يعلموا جيدا أن الفاعلين المهنيين ماضون في نضالهم، مهما كانت الفرامل والحواجز والقيود والمحاكمات، وذلك للمحافظة على حرية الصحافة ونزاهتها، سواء أحب ذلك أعداء كلمة الحق أو كرهوا
وكل ذكرى والجسم الصحفي والإعلامي بخير وراحة بال