صراع اليوسفية بين عمال النظافة ومدير الاستغلالية ليس سوى عنوانا خطأ في زمن خطأ
ذ. يوسف الإدريـــــسي
بالرغم من أن جماعة اليوسفية ترأسها أستاذة، أي إطار تربوي، المفروض أن تكون لها آليات احتواء الغضب والاحتقان داخل الفصل، والإسهام في إضفاء نوع من التوازن وتصفية الأجواء، حتى تتم العملية التربوية في أجواء مثالية وسليمة .. وهذا يعتبر عنصر القوة في مؤهلات الإطار التربوي بشكل عام، إلا أن السيدة الرئيسة لم تستثمر بعد كل مؤهلاتها لتسوية الصراع القائم في قطاع النظافة
مناسبة هذا الكلام، هو النزاع الهامشي القائم بين مدير استغلالية الشركة المفوض لها تدبير قطاع النظافة باليوسفية وعدد من العمال، وقد وصل صداه إلى محاضر الشرطة القضائية وبنود المدونة العامة للشغل، بسبب ردود أفعال في اعتقادي لا تحتمل كل هذا النقاش .. والحال، أن رئيسة المجلس بخبرتها في المجال التربوي والتدبيري، هي مؤهلة لا شك في التدخل وإزالة سوء التفاهم الحاصل .. كل ذلك، لأن ساكنة اليوسفية هي في غنى عن رؤية كرة الثلج وهي تتدحرج كل يوم إلى الأسفل، حتى إذا كبُرت صدمت البشر والحجر، خاصة ونحن على مقربة من عيد الأضحى، الذي لا تكتمل الفرحة فيه إلا مع وجود جنود النظافة في قمة الصفاء والعطاء
كان لي لقاء منفصل مع عمال النظافة ومدير الاستغلالية، وكل طرف قدم حجاجه ومظلوميته، وللأمانة هي دفوعات مقنعة من الطرفين في حدود طبيعة العمل، سواء من العمال أو من المدير، في إطار تعارض طبيعي للمهام والمسؤوليات، وأيضا للإكراهات الناجمة عن هكذا قطاع
لكن في الأخير، كان كلامي واضحا للطرفين، كون جميع العمال بما فيهم المدير نفسه هم ضحايا لسياسة اقتصادية وطنية متمثلة في تحدي الحكامة الجيدة كأداة أساسية لتأهيل الشركات التي لا تفكر سوى في الربح السريع ولو على حساب عقول وأعصاب البشر، وأيضا في الإدارة المحلية التي تلجأ دائما إلى الحلول السهلة والابتعاد عن تحمل مسؤولية التدبير الحقيقية
بمعنى آخر، لانريد، لا من العمال ولا من المدير أن يكونوا مجرد كومبارسات في فيلم رعب ليس له بداية ولا نهاية .. حتى المجتمع المدني، الذي من المفروض أن يلعب دورا مهما و وازنا في هذا الفيلم، هو مغيب اضطرارا أو اختيارا، إلا من الوقوف على أبواب الدعم والإكراميات، بدليل أن مدينة الجديدة وهي شبيهة لنا في مساطر وجزئيات قطاع النظافة من حيث دفتر التحملات والتمديد والأغلبية في التصويت، وهو ماجعل فيدرالية جمعيات الأحياء السكنية بالجديدة تصنع الحدث وتمارس الضغط الإيجابي على صناع القرار بمدينتهم، عكس مدينة اليوسفية التي تعيش منذ سنوات الفراغ تلو الفراغ
لكل ذلك، يجب على عمال النظافة بما فيهم السيد المدير أن يدركوا طبيعة المرحلة وطبيعة الصراع الحقيقي، وأيضا معرفة المستفيدين من هذا الصراع الوهمي .. فقط، لا نريد أن يضطرب قطاع النظافة في المدينة، كما لا نريد من الصفقة القادمة أن تخضع لمنطق المساومة كما سابقتها