من أجل تفعيل المقاربة التشاركية في الحوار لتقنين ونزاهة انتخاب المجلس الوطني للصحافة
حتى لا يساء الوعي بحقيقة مواقفنا المعارضة لما تحاول الأطراف المعادية لتقدم وتطوير الوطن، ومن أن معارضتنا سلبية .. نقول، من موقعنا في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، أن إيماننا بدمقرطة المؤسسات الوطنية الاستشارية في جميع القطاعات لا يمكن أن نساوم عليها، ومن أجل تفعيل المقاربة التشاركية في معالجة نقائصها والعقبات التي تحول دون فعالية حضورها من أجل الفئات المعنية بها، نقترح في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة تفعيل المقاربة التشاركية والحوار المجتمعي المفتوح حول كل العقبات والتحديات التي تحول دون الاجتهاد والاقتراح الذي تحتاجه القطاعات والأفراد والمؤسسات التي تعاني من المشاكل .. وذلك من أجل تطوير الترسانة القانونية التي تقتضي المراجعة والتصحيح والتغيير دائما
إذن، حينما رفضنا في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة منذ مدة كل محاولات تقنين المشهد الصحفي و الإعلامي في الاتجاهات التي تزكي الوصاية والمصادرة على حرية الصحافة والإعلام، لم يكن توجهنا يغذيه الطموح النقابي في تحقيق الأهداف الهيمنية والسلطوية، التي لجأت إليها المنظمات التي تدعي التمثيلية والقوة والتحكم والنفوذ على المهنيين، التي لا تساهم في دعم نضالاتهم المشروعة النقابية والاجتماعية والاقتصادية والقانونية
نظن في الأمانة العامة للنقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، أن الجميع أصبح مقتنعا بأن النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، رقم وفاعل صعب في المعادلة النقابية، ولا تسعى في نضالاتها إلى فرض شرعية مواقفها على حساب باقي مكونات المشهد النقابي، ولا تلجأ إلى الخبث والصيد في الماء العكر على حساب التعددية النقابية، التي يقوم عليها صرح بنائنا الدستوري الديمقراطي، الذي حمى الوطن من الانقلابات والتحكم الذي تعيش عليه الأنظمة التي اختارت في نظمها السياسية والنقابية والاجتماعية توجهات فرض التحكم والنفوذ الأحادي في الممارسة السياسية والنقابية والثقافية، التي يجب أن تكون حرة ومتعددة في اختياراتها ومواقفها
لن نعيد الدعاية لقناعاتنا النقابية في قانون المجلس الوطني، الذي يجب أن تكون قاعدته المنتخبة العريضة من عموم المهنيين، وأن يكون مكرسا لطابعه الاقتراحي والتشاوري فقط، و على عكس من صاغوا قانون انتخابه واختصاصاته في عهد “البيجيدي” .. نقول، إن المجلس الوطني للصحافة يجب أن يكون هيئة وطنية بأغلبية ومعارضة، وأن تكون اختصاصاته مجسدة لطابع انتخابه، وأن لا يكون تحت الوصاية من جميع الأطراف المتدخلة فيه، وأن تترجم وضعيته كهيئة استشارية اقتراحية، بدل هذه الوضعية التحكمية والتنفيذية للفصل في النزاعات وتنظيم القطاع كسلطة فعلية حكومية، وتحويل بطاقة الانتماء إليه كمبرر للحصول على رخصة الصحفي والانتماء للمقاولة وفق ما جاءت به المنظومة، التي مررتها أغلبية “البيجيدي” للنيل من الصحافة والإعلام، الذي مارس دور المعارضة الحقيقية التي لم تقم بها المعارضة الحزبية والنقابية في المؤسسات المنتخبة الوطنية والجهوية
نحن في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، لن نختلف مع من يعتبرون المجالس الاستشارية المرتبطة بالقطاعات الإنتاجية والخدماتية لا علاقة لها بمهام المجلس الوطني للصحافة، الذي اختلفت عليه الأمور في القانون التنظيمي فأضحى يتحكم في الممارسة الصحفية والمقاولاتية، ونسي مهامه الاستثنائية فقط في أن نسبة الصحافيين وناشري الصحف داخله أصبحت مكتسبة بفعل وجود أعضاء من خارج القطاعات، وأن مهامهم الأصلية تنحصر في تقديم الاستشارة للمجلس في القضايا التي لا توجد ضمن اختصاصاته
لن نناقش الاقتراح الحكومي، القاضي بإحداث لجنة تقنية لتدبير القطاع، ومناقشة دستورية تدخل الحكومة في إقرار القانون، الذي يخدمها في انتخاب المجلس الوطني للصحافة، وتحديد قانونه التنظيمي .. فما قامت به الحكومة، توجه تحكمي سلطوي لا ملاءمة له مع الطابع الدستوري للمجلس، الذي تنحصر اختصاصاته في التتبع والاستشارة واقتراح التوصيات، وليس في إصدار القرارات التأديبية في حق المخالفات التي يتابع فيها المهنيون على جنح النشر ضد الفساد والمفسدين، والتي تُكيف التهم فيها وفق القانون الجنائي في غالبها من قبل الأطراف التي تلجأ إلى القضاء للنيل من حرية الصحافة المجسدة لسلطة الرأي العام، الذي يحق له متابعة القضايا التي تدخل ضمن اختصاصته
إذن، بعيدا عن رؤى “المافيوزية” وأكلة لحوم البشر والمؤلفة قلوبهم، على وضع القوانين التي تصون مصالحهم ونفوذهم في المشهد الصحفي والإعلامي، الذي يجب أن تكون فيه السيادة للمهنيين أولا، ولما وفره الدستور لتحقيق ذلك .. وهذا، ما ننتظره من السيد وزير الاتصال المحترم، إن كان فعلا يشعر بالمهانة والبؤس وسوء الكرامة التي يعيشها الفاعلون، وكان يؤمن بضرورة ملاءمة القوانين مع التحولات الجديدة، التي أصبح عليها المشهد الصحفي والإعلامي في ظل التحولات الرقمية واللوجيستكية والمنهجية الجديدة