* محمد القبلي
أن يكون لأي شعب ذكريات، وأعياد يحتفل بها شيء جميل .. وأن تكون هاته الذكريات تحيل على أحداث كبرى لها وقعها حينها، وتاثيرها مستقبلا، فذاك أجمل .. و هو أمر يحيل على إستراتيجية العقول المدبرة للأحداث حينها .. وكذلك بصيرتهم في استقراء المستقبل والتعامل معه بما يمليه لصالح الأمة والمجتمع والوطن
فالمسيرة الخضراء كذكرى وطنية لا تخلو من حمل معاني ما سبق ذكره على اعتبار أنها كانت محطة ركب الشعب المغربي قطارها لتحرير مناطقنا الجنوبية من فلول الاستعمار الاسباني، وحلقة في سلسلة التحرر من الاستعمار الفرنسي واستكمالا لتحرير كل الوطن، والحفاظ على وحدته الترابية .. مجسدة -أي المسيرة الخضراء- عظمة الفكر والفكرة لدى الشعب .. مسطرة تاريخا نفتخر به ونتذكره بشموخ وافتخار لعظمة الأجداد وقدر تضحياتهم تجاه الوطن
إلا أن للمنحى التاريخي بالمنطقة، أي أقاليمنا الجنوبية قصة أخرى وارتباط أخر للشعب وبالشعب .. هي قصة نعتبرها لأهميتها ولولاها لما استكملنا تحقيق أهداف المسيرة الخضراء المسطرة من طرف واضعي المخطط وطارحي الفكرة .. إنها المعركة الأخرى، معركتنا مع انفصاليين أرادوا تشتيت وطن وتمزيقه بعد جمعه وتوحيده .. معركة سميت حرب الصحراء خاضها جنودنا البواسل وجيشنا المغربي العظيم بالسلاح بعدما خاض شعبنا حربا سلمية بمسيرته المباركة .. معركة استرخص فيها الجنود المغاربة حياتهم .. لهم أسر وأبناء وعوائل يحنون لهم و يحبونهم .. يشتاقون للعيش معهم .. لكن، ما أهمية كل هذا إن كان للوطن نداء .. وللحفاظ على ما حققه الأجداد في مسيرتهم تكون الحياة ثمنا زهيدا، والشهادة أسمى أماني أبنائهم وأحفادهم من أجل الوطن الغالي
حرب دامت سنوات من 1975 إلى تاريخ وقف إطلاق النار 1991 .. أدمت قلوب الكثير من الأسر، ويتمت أبناء وبنات، ورملت نساء .. هؤلاء أصبحوا يلقبون فيما بعد، – وهو وسام لفئة ضحت بالأب والابن المعيل وربما الوحيد – “أسر شهداء الوحدة الترابية
إن هذا الارتباط بين المسيرة وهاته الحرب في استكمال الأهداف وتحقق صيرورة تاريخية عنوانها الصحراء مغربية .. وغير دلك، غير مقبول عند الشعب المغربي للفعلين تضحيات جسام مادية ومعنوية.. دما ونفسا وروحا .. وهنا يكون لزاما على من يهمهم الأمر ويعيشون الوضع، و كل المتتبع أن يطرح أسئلة تعوزها أجوبة حاسمة من المسؤولين
فكيف نحتفل بالقاطرة (المسيرة ) وننسى أو نتناسا باقي العربات التي احتضنت الجنود (حرب الصحراء ) التي حملت الجمل بما حمل، وكان لها الفضل بما تنعم به مناطقنا الجنوبية الآن في ارتباطها بالوطن الأم ..؟
كيف لنا أن نفرح ونمرح وندرس تاريخ مسيرة لما لها من مكانة في قلوبنا، ولا ندرس تاريخ الشهداء وارتباطهم بالوطن ..؟
كيف كان لهم الفضل في الحفاظ على وحدة أراضي الوطن ..؟
كيف لنا أن نستعيد هذا العيد، وأسر الشهداء أيتاما – ذكورا و إناثا وأرامل-، وآباء وأمهات يعانون التهميش وعدم الاهتمام والحرمان من أبسط الحقوق .. ؟
يعيشون أوضاعا مزرية لا تتماشى مع تضحيات الآباء والأبناء الشهداء ..؟
إنها المعادلة الصعبة.. لم ولن يستطيع التاريخ الفصل بين شقيها .. فالمسيرة الخضراء وحرب الصحراء توأمان سياميان يكمل أحدهما الآخر .. فلما لنا عيد وطني للمسيرة، وليس لنا عيد وطني للشهيد ..؟
إلى حين ورود جواب من مسؤولينا الكرام نقول للشعب المغربي كل عيد ….. وانتم بخير
*ابن شهيد حرب الصحراء المغربية