أخنوش والتصعيد النقدي الساخر المتواصل
ما أن انتهى ابن كيران إلى حصوله على التقاعد الحكومي، تراجعت حدة النقد والسخرية التي كانت قنوات التواصل الاجتماعي تقدمها ضده .. لكن، عودة هذه المتابعات الساخرة حول سلوكات رئيس الحكومة الجديد عزيز أخنوش، تدعو إلى التساؤل عمن أنتجها ويخرجها .. فالرجا اليوم تتابعه الكاميرات في كل مكان، ويتزايد التركيز فيها على مواقفه من المستجدات في الشارع المغربي، التي ارتفعت حدتها في ظل الاحتجاجات على سياسات وزرائه الخاطئة، ويرشح أن بتزايد الاهتمام الشعبي بها في انتظار يقظته وتدخله لفك رموز الألغاز، التي تحملها عنه وعن سلوكاته اليومية المثيرة للجدل
فمن نقل نومه وشخيره في البرلمان .. إلى انهزاميته في السلام على الأمراء في السعودية .. إلى تفقد الأوراش في أكادير التي يرأس مجلسها الجماعي .. إلى الإصرار على ردوده بالبرلمان المساندة لأخطاء وزرائه .. دون أن نتجاهل ما يقوله المؤثرون عنه في القنوات الأكثر متابعة من قبل المواطنين، كأن أخنوش أصبح الوريث الشرعي للمفرقعات “البنكيرانية والعثمانية”، التي لا تزال تتناقل بين المواطنين المغاربة، والتي لم يختلف تعامل أخنوش فيها عن سلفه بن كيران من حيث الموضوع ولغة التعاطي مع المضمون .. مع أن الجاذبية في متابعتها مرتبطة بعلاقتها بالمعيش اليومي المغربي وتصرفات رئيس الحكومة اتجاهها
نحن، في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، لا نستخف في قراءتنا لهذه المتابعات الشعبية الساخرة .. فهذه الأخيرة، تجسد رد فعل المغاربة عن أي مستجد في سلوك الحكومة ورئيسها، وتعبر عن وجهات النظر المختلفة التلقائية المقيمة لسلوكات رئيس الحكومة وأعضائها، أمام الضعف في معالجة هؤلاء للقضايا المجتمعية الأكثر إثارة وحضورا من قبل المغاربة، وسوف تتناسل مستقبلا مع كل التطور الذي ستعرفه في عرضها وإخراجها عبر قنوات التواصل الاجتماعي
هل من وقف لهذه المتابعات الساخرة اتجاه رئيس الحكومة وأعضاء حكومته، أم أن الأمور ستكون أكثر تطورا سيما في ظل تجاهل أخنوش والحكومة لما ينبغي أن يكون عليه التعامل الحكومي مع القضايا المطروحة الآن ..؟
الخشية في أن تتخذ المتابعات الساخرة أوضاعا أخرى يصعب احتواءها في المتخيل الشعبي التلقائي، إذا ما تزايدت حدة المشاكل المثارة وارتفع الغياب الحكومي في مواجهتها، سيما وأن السلوكات الحكومية لا تبشر اليوم بالتغير نحو الأفضل والأحسن في مواجهة الغلاء وآثار الحرب الروسية الأوكرانية وتداعيات كوفيد 19 نموذجا ..؟
إن رئيس الحكومة مطالب بالاشتغال على فلسفته الحرة في الاقتصاد، من أجل إقناع خصومه بأهمية التحول إلى المجتمع الديمقراطي الاجتماعي الليبرالي، وبالروح الموضوعية في التعامل مع نقد وسخرية المغاربة، التي انهارت أمامها جميع الحدود والخطوط الحمراء، إن لم تكن قد أصبحت مستباحة بما فيها الحياة الخاصة، التي لم تنج من النقد والسخرية وبأرقى أشكال التعبير عنها، والتي وجد فيها المعارضون والمزايدون الفرصة للابتكار والإبداع الذي يتلاءم والوجدان الشعبي الرافض لمساوئ الحكومة الحالية، التي أصبحت تتخذ القرارات دون اعتبار ردود الفعل حولها
إن التصعيد الشعبي في النقد والسخرية يتزايد اليوم، دون أن يحرك ضمائر الأطراف المعنية التي تعمل مع أخنوش و تدور في فلكه، بدون مراعاة لمن يعارضها، وكأنه لا وجود لمن سيواجهها في المجتمع، وعلى رأسهم رئيس الحكومة الذي يتمادى في أخطائه، التي لا تشير إلى أي تحول في السلوك الحكومي رغم أن درس “البيجيدي” حي وقائم، ولم يمض على رحيله إلا وقتا قليلا .. وهذا ما يجب على عزيز أخنوش أن ينتبه إليه، إذا كان يرغب في الاستمرار إلى نهاية هذه الولاية التشريعية