كتب ذ. عبد اللـه عزوزي

*دوري عين بوشريك لكرة القدم نموذجا*

يتابع أبناء ساكنة جماعة الوردزاغ، من أماكن شتى من المغرب، باهتمام بالغ و إعجاب لا يمكن أن يخفيه أحد،  دوري عين بوشريك لكرة القدم في نسخته الثانية

 بالنسبة للذين لم يسبق لهم أن انخرطوا في نضالية المجتمع المدني قد لا يدركون حدود الإبداع والهندسة و حس القيادة في إخراج هذا المهرجان الرياضي و الثقافي و الاجتماعي  لحيز الوجود،  و جعله محطةً سنويةً تعقب فرحة عيد الأضحى المبارك، و ما تعنيه هذه المناسبة الربانية من تذكر  بركات الإله و عنايته، و لَمِّ الشمل و صلة الرحم و تجديد العزم على مواصلة العمل  الصبر و البناء ..

ليس من الغريب أن يصبح هذا الملتقى الكروي مادة خصبة  جديرة بالاهتمام و التأمل و التحليل .. بالنظر لزمانه و مكانه و ظروفه و معيقاته و أسباب نجاحه .. إنه يقول الكثير عن عزم الشباب و قوته و شساعة خياله و سلامة تفكيره و قدرته على التعاون و التكاثف أفقيا و عموديا، بخلاف التحجر الذي كنا نسمعه أو نصادفه في الماضي، كلما تعلق الأمر بالحدود البرية و الثقافية للمداشر و الدواوير .. كان يكفي أن تبتعد، مثلا، ببضعة أمتار عن محيط ثانويتك أو إعداديتك، حتى تجد نفسك تحت وابل من حجارة من سجين من شبابِ دوار  لم يسبق له أن رأى وجوها غير تلك المألوفة ..

يقف هذا الدوري و غيره من المبادرات الرياضية و الجمعوية (خاصة السياحية و الإنسانية) التي ظل يشهدها إقليم تاونات على مدى السنوات الأخيرة على طرفي نقيض من مجالس منتخبة بطريقة تعكس الاستهانة و الاستهتار و سوء التقدير .. مجالس تبدو كما لو أنها عجلات احتياط يتم تركيبها و استبدالها على التوالي على رأس كل ست سنوات ..

في صلب هذا الواقع الجديد و الواعد — و الذي يغطي مناطق شاسعة من جِلْدِ ممثلي الساكنة الذين اشتَقُّوا منها السكون و الجمود و تفضيل سمر الليل على حركية النهار—تقف التكنولوجيا و وسائط التواصل الاجتماعي شامخة و محورية في التقارب و التواصل بين شباب المنطقة، الذين ستسكنهم هذه الذكريات الجميلة طيلة مستقبلهم، و ستكون بمثابة مدرسة صيفية يتعلمون فيها التواصل و التسامح و التنافس، وصناعة الثقة في النفس، و الاحترام، و تدبير الوقت، و اكتشاف جمال طبيعة جماعتهم، و تطوير مهارات حسية و سلوكية متعددة، تجعلهم أكثر قدرة و استعداداً للتميز ..

دوري عين بوشريك هو تمظهر أولي للإرهاصات المبشرة بجعل الدوار  جماعة أخرى ستنطلق بسرعة نحو ريادة القرى النموذجية، خاصة في المجال السياحي و جذب الاستثمار الوطني و الأجنبي، التي كان الراحل الحسن الثاني طيب اللـه ثراه قد بشر بها في تسعينات القرن الماضي

 هذا المطلب، و إن عارضه البعض سيفرض نفسه في وقت من الأوقات تحت قوة الظروف التي يتحكم فيها التزايد الديموغرافي و قلة الموارد البشرية (على المستوى الخدماتي و المؤسساتي .. بمركز الوردزاغ)، من بين أسباب أخرى

أخيرا، و ليسَ أقلُّ أهميةً، بقي القول كيف لنا – كساكنة الجماعة و كأبناء مدشر عين بوشريك – أن نرد التحية بأحسن منها ..؟ ألا يستحق هؤلاء الشباب أن ندعمهم، و بسخاء كبير ..؟

                                     الخميس 21 ذي الحجة 1443 21 يوليوز 2022