رأسمالية السوق وفضح مخططها الاستعماري في الحرب الروسية الأوكرانية
مع توالي الأحداث وتغير موازين القوى بين أوكرانية وروسيا في الحرب، لم يجد الغرب مجالا للرد على التدخل الروسي في أوكرانيا، سوى إصدار العقوبات الاقتصادية التي أكدت روسيا أنها لا تقوم على مبررات حقيقية، في الوقت الذي لم يتحرك فيه هذا الغرب في القضايا الساخنة في الشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية وجنوب غرب آسـيا وإفريقيا، نظرا لخضوع هذه العقوبات إلى سياسة الدعم من قبل الدول الحاضنة لهذه الشركات الاستعمارية العالمية، التي لم تتأخر في حماية نفوذها عبر سياستها الهيمنية على الدول التي تشتغل فيها
إن الأجواء في الحرب المفتوحة اليوم تصل ذروتها إلى المواجهة الشاملة في حرب عالمية، سيخسر فيه المتحاربون كل الأهداف التي ينتظرونها من الصراع مع روسيا المدافعة عن أمنها القومي والوجود العسكري النووي على حدودها، التي تعتبر أوكرانيا إحداها في شرق أوروبا منذ انتهاء الاتحاد السوفياتي في أواخر الثمانينات بعد المؤامرة الانقلابية الداخلية، التي قادها العميل خورباتشوف باسم دمقرطة النظام السياسي الشيوعي في روسيا، وإنهاء الخلاف مع دول الغرب التي فتحت الحرب الاقتصادية ضد الاتحاد السوفياتي في إطار الحرب الباردة، التي فشل فيها الغرب بكل أطرافه وأذرعه الاقتصادية والسياسية والثقافية
إن واقع روسيا بعد انتهاء الاتحاد السوفياتي، والطابع القومي الذي أصبحت عليه سياستها الاقتصادية والسياسية لم يخدم الغرب على الإطلاق، بل عمق أزمته وتفرقته رغم محاولات أمريكا تقوية حلف النيتو وفرض النفوذ الأمريكي عبر شركاته الاستعمارية، التي أرادت استمرار النفوذ الاستعماري والوزن الاقتصادي الغربي
لا أحد يتبنى في المجتمع الدولي المعاصر الذي يؤمن بضرورة الاحتكام إلى القوانين، وإلى تصفية القضايا الدولية الساخنة بالوسائل السلمية رغم حركة التسويق والتماطل التي تنهجها الدول الغربية اتجاه جل القضايا، التي تعاني منها الدول النامية التي كانت تمثل مستعمرات آمنة لنفوذها الاستعماري
إن الدول الغربية التي تدعم أوكرانيا ضد روسيا، تحاول تجاهل قوة روسيا وحقوقها العادلة في أمنها القومي وحلف الدول المجاورة لها من الصواريخ النووية، وإن كانت تطالب أوكرانيا بالحياد على الأقل، فهذا يؤكد على انعدام الأطماع الاستعمارية من قبل روسيا اتجاه أوكرانيا، وفي الثابت اليوم أن اللجوء للعقوبات الاقتصادية ضد روسيا لن يتحقق ما دامت الدول الغربية لا يمكنها التخلي عن الإمدادات الروسية من النفط والغاز، خاصة الدول الصناعية الغربية الكبرى التي تدرك أن روسيا لن تنهار، وأن عودة قوتها السياسية والعسكرية الضاربة أصبحت واقعا يجب الالتفات إليه والإيمان بخلاصاته الموضوعية التي تحفظ لروسيا قدرتها على الرد على العقوبات الاقتصادية والسياسية والثقافية، التي تعتقد الدول الغربية أنها كفيلة بهزيمة روسيا، واحتواء أطماعها التوسعية في أوروبا خاصة، وسيكون من الصعب على الغرب بشركاته الرأسمالية المتعددة الجنسية ربـح المعركة ضد روسيا، التي تعمل على استعادة هيمنتها في العالم التي يحاول الغرب بقيادة أمريكا الوصول إليها اليوم وترجمتها