من أجل انتخاب المشرعين المؤهلين وتفعيل المحاسبة الدستورية
تكاد جميع الأحزاب المنتظر مشاركتها في الاستحقاق المقبل، أن تنتهي إن لم تكن قد انتهت من تحديد لوائح مرشحيها، وصاغت برامجها الانتخابية، وبدأت في التهيئ اللوجستيكي التنظيمي، كما جرت العادة في الانتخابات السابقة، دون أن تغير منهجية الانخراط وفق ما يعيشه العالم من تحولات في المجال الديمقراطي .. ويبدو أن الحزبين الرئيسين في المشهد الحزبي الوطني هما اللذان عبرا مبكرا عن ما تم إنجازه في عملية التحضير الانتخابي حتى الآن
ما نملكه عن استعدادات حزب العدالة والتنمية، الذي قاد حكومة الولاية التشريعية الثانية، التي اقتربت من نهايتها، لا يتعدى المتداول منه وسط الرأي العام، كإعلان الحزب عن برنامجه الانتخابي، الذي سيتكلف بمواصلة الإصلاحات الكبرى، وتفعيل وتنزيل الدستور، واستكمال سياسة التقويم المالي، بينما رفع غريمه في المعارضة، حزب الأصالة والمعارضة شعارات تتعلق بالتشغيل وإصلاح التعليم في حالة فوزه بالانتخابات .. أما باقي الأحزاب المشاركة، فلم يعبر حتى الآن عن برامجها وتحضيراتها الانتخابية، التي لن يتعرف عنها الناشطون إلا خلال الحملة الانتخابية، وفي الندوات الصحفية التي ستعقدها لهذه الغاية
ما يهمنا في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، من مناقشة عملية التحضير هو الاقتراب من المنهجية التي سيتم بها الحسم في المرشحين، الذين سيكونون مشرعين وصياغة البرامج الانتخابية .. فإلى الآن، لم نلاحظ تغييرا ملموسا في هذا المجال، فجميع الأحزاب ملتزمة باعتماد لجنة وطنية لصياغة البرامج الانتخابية .. أما الحسم في لوائح المرشحين فجلها يتبنى اللوائح المقدمة إليه من الأجهزة الحزبية الجهوية والمحلية، وغالبا ما تتدخل القيادات الحزبية في مسطرة تزكية المرشحين التي تبقى سلطتها معلقة على اللوائح النهائية للمرشحين مع الاستثناءات التي تحترم فيها إرادة القواعد، ويبقى المغيب في جميع الأحزاب وجود معايير ومقاييس وقواعد صحيحة في اختيار المرشحين، نظرا لواقع الأحزاب التي لا تعمل بشكل طبيعي، و لا تتوفر على قواعد تنظيمية تحظى بثقة ومساندة عموم مناضليها، الذين يطلب منهم دعـم المرشحين الذين تزكيهم القيادة الحزبية الوطنية
حول علاقة نزاهة الانتخابات التشريعية بمحاربة لوبيات إفسادها، لا مفر من الاحتكام إلى المحاسبة الدستورية للتحالف الحكومي، الذي أدار الولاية التشريعية السابقة، و وضعه أمام المرآة لإبراز إنجازاته وإخفاقاته أمام الناخبين في التجمات التي يجب أن ينظمها، ليس خلال الحملة الانتخابية فقط ليمنح للناخبين الحق في طرح الأسئلة والانتقادات، وبنفس المقاربة للتدبير الحكومي للأغلبية، يجب أن تكون المعارضة تحت طائلة هذه المحاسبة من قبل الناخبين عن أدائها التشريعي والرقابي، وذلك لتفعيل نزاهة الاختيار الانتخابي ومحاسبة لوبيات الإفساد طيلة الولاية الحكومية، وخلال إجراء الانتخابات، وهذا موكول للنخب المحلية المعنية بالعملية الانتخابية، سواء المؤطرة حزبيا أو نقابيا، أو بالنسبة لعموم المواطنين، حتى يكون العرس الانتخابي الديمقراطي مكتملا في مراحله وشروطه .. ونعتقد في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، أن الأحزاب المعنية بالعملية الانتخابية هي التي يجب أن تتحمل المسؤولية في ذلك قبل الناخبين إذا كانت تقدر واجباتها الدستورية وتعرف آثار ذلك على مدى حضورها وتأطيرها للمواطنين قبل وما بعد العمليات الانتخابية، التي تظل مناسبات قارة لتجديد النخب والبرامج الانتخابية لفائدة الوطن والمواطنين في نهاية المطاف
لن نختم متابعتنا حول المسألة الانتخابية وصياغة البرامج وتجديد النخب، فهذه القضايا يجب أن تظل دائما مطروحة للنقاش والمتابعة، سواء من المترشحين في الأحزاب أو النقابات أو المجتمع المدني، أو من عموم المواطنين .. فهل ستحترم الأطراف المتنافسة في الاستحقاق التشريعي والجماعي والجهوي هذه الجوانب في تحضيراتها واستعداداتها للمشاركة .. أم أن هذه القضايا ستظل مغيبة من قبلها إلى أجل غير مسمى ..؟