بواسطة/عبد اللطيف وغياطي
إن المتجول عبر أحياء وشوارع مدينة أزرو، لابد أن يشد انتباهه ظاهرة استفحلت بشدة خلال السنوات الأخيرة، وهي كثرة انتشار المختلين عقليا، أو ما يسمى “بالمجانين”، مما يخلق حالة من الخوف والرعب عند الكثير من المواطنين الأزرويين، خاصة لدى النساء والأطفال، فهم يتجولون في الأحياء وبالقرب من المؤسسات العمومية والمساجد، وفي الأسواق وفي الطرقات وفي الإشارات الضوئية نصف عراة أو عراة كليا، يقتاتون من المزابل ويجعلون من زوايا الشوارع مكانا للنوم وترك الفضلات .. الأمر الذي يزيد في تشويه المحيط وانتشار الروائح .. فهل تتحرك سلطات مدينة أزرو ومعها وزارة الصحة للتكفل بهؤلاء المختلين عقليا وتهيئ لهم مراكز خاصة بهم ..؟
فرغم الحملات التمشيطية التي قامت بها السلطة المحلية وأعوان السلطة والسلطة الأمنية ونقل الحالات المستعصية إلى مدينة فاس أو مكناس، حيث يتم إعطاؤهم حقنة ليطلق سراحهم بعدها ويرجعون إلى نفس الحالة بدون تتبع لملفاتهم المرضية، فلابد من التفكير في حل ناجع للحد من هيجان هذه الفئة من المرضى وتوفير مركز لإيوائهم وتوفير الأدوية اللازمة لذلك
حسب بعض المصادر، كل يوم يتقاطر على المدينة العديد من المختلين عقليا والمتشردين، الذين يظهر على أن بعضهم غرباء عنها، ولم يسبق للمدينة أن عرفت هذا العدد منهم، بحيث يتم نقلهم عبر حافلات من المدن المجاورة ليتم إنزالهم بالقرب من ملتقيات الطرق في أوقات متأخرة من الليل، ولايتم نقلهم إلى المستشفى إلا عندما يقدمون على إحداث الفوضى بالشارع العام، ويزداد الأمر خلال التظاهرات والمناسبات الرسمية التي تعرفها المدينة
لماذا لا تؤسس جمعيات للدفاع عن هؤلاء المختلين و إيواؤهم وعلاجهم ..؟ لماذا لا تناضل الجمعيات الحقوقية من أجلهم و من أجل إقرار المبادئ الكونية لحقوق الإنسان كما أقرتها المواثيق الدولية، التي تؤكد إيمان المجتمع الدولي بحقوق الإنسان والحريات الأساسية، وبمبادئ السلم وكرامة الشخص البشري وقيمته، والعدالة الاجتماعية، وقد أكد الإعلان الإعلامي حول التقدم والنماء في الميدان الاجتماعي على ضرورة حماية حقوق ذوي العاهات البدنية والعقلية وتأمين رفاهيتهم وإعادة تأهيلهم، مما يفرض على جميع الدول مساعدة الأشخاص المتخلفين عقليا على إنماء قدراتهم في مختلف ميادين النشاط وضرورة تيسير اندماجهم إلى أقصي حد ممكن في الحياة العادية، وأوضح الميثاق أنه صدر في 20 دجنبر1971 الإعلان الخاص بحقوق المتخلفين عقليا، وفي 9 دجنبر 1975، تم اعتماد الإعلان الخاص بحقوق المعوقين، وفي 17 دجنبر 1991، تم اعتماد مبادئ حماية الأشخاص المصابين بمرض عقلي وتحسين العناية بالصحة العقلية، وأن مختلف هذه الإعلانات والمبادئ تؤكد على ضرورة رعاية وضعية هذه الفئة الاجتماعية، ليطرح السؤال، أليس من حق هذه الفئة الحصول على الرعاية والعلاج الطبيين المناسبين وعلى قدر من التدريب والتأهيل والتوجيه يمكنه من إنماء قدراته وطاقاته إلى أقصى حد ممكن ..؟
تبقى الدولة هي المسؤول الأول والأخير عن أي انحراف يطال هذه الفئة الاجتماعية، فمن مسؤولية الدولة إحصاء عدد هذه الفئة, ومعرفة الظروف التي تعيش فيها .. فحماية المجتمع من مجموعة من الاعتداءات وخلق الرعب في أوساط المواطنين أعادت للواجهة ضرورة توفير الأدوية الخاصة بهم في المستوصفات بالمدينة، وكذلك تفعيل النصوص القانونية وتحيينها بما يناسب الواقع، منها تخصيص ميزانية خاصة بهذه الفئة، إلى جانب تخصيص سيارات مجهزة لنقل المرضى العقليين والنفسيين تشبه السيارات المجهزة لنقل المتسولين، ولباس خاص بهم، مما يناسب آدميتهم .. علما أن رجال الأمن يمنعهم القانون من نقل المعتوه داخل سيارة الأمن إلا في الحالات القاهرة، إضافة إلى أن هذه السيارة غير مناسبة لنقل المرضى