حول توظيف المناهج العقلانية في البحث في التراث الفقهي الإسلامي
بالرغم من الضجة التي أحدثها مؤلف رشيد أيلال، عن صحيح البخاري نهاية أسطورة، فإن ذلك لم يحل دون التساؤل عن خلفيات هذا التعامل الجديد مع الإرث الفقهي، الذي لم يكن في مواجهة مع جوقة المفسرين والمحللين الجدد، الذين يفتقر جلهم إلى المؤهل العلمي والتخصص في القيام بهذه المحاولات، كما تطرحه محاولة رشيد أيلال، الذي ألف كتابا حول صحيح البخاري نهاية أسطورة، مما جعل تعرية مضمون الفتاوى والأحاديث الأسطورية والخرافية تحت مبررات عقلنة التراث وتصفية التعامل مع الطابوهات السائدة في العقل الجمعي الفقهي، واستغلال المنظور المادي التاريخي في بسط هذا التوجه الجديد مع المحدوث في الفقه والحديث، دون تحديد طبيعة هذا المنظور المادي التاريخي
إن العقلانية المفترى عنها من قبل أصحاب القراءات الجديدة للتراث الفقهي، الذين لا يحددون وجهتهم، سواء اتجاه فقه النوازل أو فقه المقاصد، ويعتبرون تفسيراتهم العقلانية المعاصرة الأنسب لمضامين النصوص الفقهية، سواء كانت قطعية الثبوت أو ظنيته ولا يهمها ما كان عليه موقف الإمام المفسر أو الراوي أو التابع، الذي لا يجب استبعاده في شرح وتفسير النص المعروض للبحث والتفكيك والدراسة، كهذه التي يحاول من خلالها رشيد أيلال إزاحة الغطاء عن النصوص الفقهية في مذهب البخاري، للتأكيد على طابعها الخرافي الأسطوري، وكما أشرنا في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، في القراء الأولى إلى أن رشيد أيلال كان مندفعا في الإعلان عن مقاصده من شرح مضامين النصوص، التي يعرضها صحيح البخاري، ولم يكن أيضا مؤهلا لفضح مضمون هذه الخرافة والأسطورة التي تضمنتها النصوص في مذهب البخاري، التي تبقى بالرغم من كل الملاحظات والانتقادات التي وجهت إليها معبرة عن روح الرؤيا السائدة في زمن التعبير عنها، سواء في العهد الأموي أو العباسي
لا يمكن مسايرة رشيد أيلال في الخلاصات التي اعتبرها صحيحة عن مضمون الخرافة والأسطورة في الأحاديث، سواء التي تتعلق بالنبوة المحمدية والإمامة، والإسراء والمعراج، والتواب والعقاب، والخلق والروح، والجنة والنار، والتوحيد ودور الصحابة، وسلوكات أبو بكر وعمر وعثمان وعلي (ض) وزوجة الرسول سيدتنا عائشة (ض) والموقف من العلم والعقل إن التراث الفقهي الذي يواجه اليوم أزمة المشروعية من قبل هؤلاء الباحثين عن الشهرة على حساب من يختلفون معهم في المنهج والتوجه الأيديولوجي والديني، لا يمكن بالضرورة أن يحسم في الخلافات الجديدة في التعامل مع التراث، ومحاولة التظاهر بالبراءة في القيام بهذه المهمة العلمية التي يجب أن يتوفر صاحبها على المؤهل العلمي والتخصيص في الانخراط فيها .. علما أن المنحى العام لا يمكنه أن يقبل بأيتها دراسة جديدة مثيرة للجدل فقط .. وفي هذا الاتجاه، ننصح القائمين عليها بالتدرج في جبهاتها، حسب و وفق الوعي الجمعي السائد حولها في العالم الإسلامي اليوم دون غلو أو تطرف