النخبة الجديدة المكلفة بالنموذج التنموي وأمال المغاربة المعلقة بها ..!
مهما فصلنا في شرح طبيعة تحقيق النموذج التنموي وعلاقته بالنخبة الجديدة التي عينها جلالة الملك، فإن هناك جوانب متعددة قد لا يطالها تحليلنا، سواء بالنسبة للنخبة الجديدة أو النموذج التنموي .. لكن، هذا لا يمنع من تبسيط المدخل لفهم مضمون كل من النخبة والنموذج التنموي ما دام الارتباط جدلي بينهما .. إذ، لا فائدة من صياغة وإنجاز النموذج التنموي بدون النخبة الجديدة القادرة على القيام به تخطيطا وتنفيذا وتفكيرا وتحليلا
تظل النخبة التي وقع عليها الاختيار، وتم تنصيبها من طرف ملك البلاد مرتبطة بالمجموعة البشرية المبدعة والخلاقة والمؤهلة والمواطنة، وهي الصفات التي تتوفر عليها الفئة الاجتماعية المختارة والمتمتعة بالاستقلالية والشجاعة والتكوين العلمي في إنجاز المهام التي تكلفت بها، والقادرة على ترجمة معرفتها وخبراتها وتصوراتها وتكوينها في المشاريع التي ستخدم حاضر ومستقبل الوطن، والمؤمنة بالأدوار التي تقوم بها، بعيدا عن التوجيهات المعلبة والمحنطة للقيادات التي تخضع لها الأحزاب والنقابات ومجتمعات المجتمع المدني
بنفس الميزات التي تتمتع بها هذه النخبة، لن يكون النموذج التنموي الذي يرضى به المجتمع إلا من خلال ما تخططه وتختاره هذه النخبة الجديدة، سواء في المشاريع القطاعية أو الشمولية، حيث سيكون الفوز والمصداقية من نصيب المشاريع التي يتم التفكير فيها واختيارها الكفيلة بالإنجاز على ضوء الأجندة الزمنية المحددة لهذا النموذج التنموي، الذي فشلت أحزاب الأغلبية والمعارضة في تحديد محاوره ومشاريعه وأهدافه، وتحولت بعد تنصيب اللجنة التي ستسوغه إلى مجرد أبواق للدعاية والتشكيك والتبخيس الذي تنطبق عليها وعلى وظائفها الدعاية الرخيصة، كما عبر عن ذلك من خرجوا لرفض إقصائهم منها في أحزب الاستقلال والعدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة و الليبرالي المغربي والاشتراكي الموحد
ليست هذه النخبة الجديدة هي الفئة النشيطة في المجتمع، وفي هياكل المؤسسات الحكومية الخاصة والدستورية، أو المنتخبة أو المؤسسات الاقتصادية، التي يشكل إنتاجها النموذج التنموي مضمونا وأهدافا وأوراشا من محور وهدف هذه الهيئات التي تنتمي إليها، سواء في القطاع العام أو الخاص، التي تحتاج دائما إلى التحفيز والتأهيل حتى تظل خدماتها في مستوى الطلب عليها .. بقدر ما ستكون هذه النخبة متقدمة في مهامها الجديدة، بقدر ما سيكون الرهان عليها في تقدم المؤسسات التي تنتمي إليها، وعلى ضوء ما ستقدمه وستحدد معالم النمو أو التأخر المحسوب على الهيئات التي توظفها في مشاريعها بجميع القطاعات، والتي يتوقف عليها مصير كل المشاريع التي سيتم رصدها، سواء في الآجال القريبة أو المتوسطة أو البعيدة المدى
سيقال لنا، إن هذا الموضوع قد أخذ نصيبه من النقاش المجتمعي والإعلامي، ولا حاجة إلى العودة إليه مرة أخرى، وسيكون ردنا في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، على ذلك، بأن الحكومة المعنية بإنجازه كانت ولا تزال عاجزة على القيام بالخطوات التي يتطلبها، كما جاء في خطب جلالة الملك حولها، وحول أهمية هذا المشروع .. وبالتالي، فإن هذه العودة للموضوع أصبحت من أولويات متابعتنا للأداء الحكومي، الذي يقترب من نهايته ولا شيء تحقق حتى الآن، مما يجعل هذا النقاش مشروعا في هذا الظرف التاريخي الدقيق من جهة، ولما أصبحت تتطلبه التنمية المستدامة للوطن من جهة أخرى .. ناهيك عن أن الحديث في هذا الموضوع فتح لنا المجال للبحث المعمق حول كل العوامل والخلفيات التي لا زالت تتحكم في معضلة التنمية في الوطن، والتي يقتضي النقاش فيها الحسم في المواقف المعبر عنها حولها، وتحديد المسؤولين عن الفشل في بلوغ أهداف النقاش المجتمعي حولها حتى الآن