دولة الحق والقانون وضرورة التحلي بروح المسؤولية في العلاقة بين السلطة و الأحزاب والنقابات والمجتمع المدني
رغم أن المغرب قد قطع مراحل متقدمة في دمقرطة الدولة والمجتمع والاقتصاد، وأصبح واقعه المؤسساتي قادرا على منافسة أعرق الأنظمة الديمقراطية، لا تزال السلطة في بعض الأقاليم والجهات والجماعات خارج هذه التحولات التي يمر منها الوطن، وتتعامل مع الأحزاب والنقابات وجمعيات المجتمع المدني بعقلية السيد والعبد، كأن هذه المنظمات كائنات غير صالحة في المجتمع، ويجب فرض الوصاية على أنشطتها وتقليص الصلاحيات الدستورية التي تتمتع به، رغم أن جميع الدساتير التي مر منها المغرب تعترف للأحزاب والنقابات وجمعيات المجتمع المدني بوجودها المؤسساتي، وبالمهام التمثيلية والتأطيرية.
من المؤكد، أن الكثيرين من رجال السلطة يؤمنون بالدور الدستوري للأحزاب والنقابات والمجتمع المدني، ولا يتخلفون عن توفير الشروط والمناخ الذي يؤهل هذه الأحزاب والنقابات للقيام بمهامها .. لكن، هذه الأقلية التي تريد أن تظل هذه العلاقة مع الأحزاب والنقابات متوترة، ولا تسمح بالتعايش بينهما في بعض الأقاليم والجهات والجماعات، يطرح أكثر من علامة استفهام، حول من يحرضها على عدم الوضوح في علاقاتها مع الأحزاب والنقابات، والحرص باستمرار على افتعال أسباب الخلاف والتوتر التي لاتسمح بها قوانين الوطن ذات الصلة بهذه العلاقة، التي أصبحت ملتبسة ولا تخدم أحدا في نهاية المطاف.
إن الظرفية الراهنة لم تعد تسمح باستمرار هذا التأخر في العلاقة بين السلطة والأحزاب والنقابات والمجتمع المدني .. خصوصا، إذا كانت الأحزاب والنقابات لا تجادل ولا تعارض في المهام المسندة للسلطة، ولا تتطلع إلى إفسادها والإضرار بها .. خصوصا، بالنسبة للأحزاب والنقابات التي ترغب في ممارسة مهامها في إطار المشروعية الدستورية والمؤسساتية الوطنية السائدة .. وفي هذا الإطار، يحق لنا في المستقلة بريس، لسان حال النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، أن نسائل وزارة الداخلية حول سلوكات السلطة التي لاتتجاوب مع المطلوب منها في إطار دولة الحق والقانون والمؤسسات التي يقوم عليها نظام الحكم في الوطن.
إن دولة الحق والقانون في المغرب، أصبحت واقعا لا أحد يمكنه تجاوزه، وعلى الأطراف العاملة فيه سلطة وأحزاب ونقابات ومجتمع مدني احترام الاختصاصات الدستورية المسندة إليهم .. خصوصا، أن إرادة الدولة تتجه إلى التكريس النهائي لمؤسسات الدولة المدنية الديمقراطية المحكومة بالمؤسسات والدستور .. وهذا ما يجب أن يؤمن به رجال السلطة قبل المحسوبين على الأحزاب والنقابات والمجتمع المدني في واقع المجتمع الديمقراطي الحداثي، الذي يعمل جلالة الملك محمد السادس أيده اللـه، على ترجمته مهما كانت التضحيات والتحديات.