ذ. عبد اللـه عزوزي
مع اقتراب انتخابات 2021، بدأت تصلني على الخاص منذ مدة ليست بالقصيرة مجموعة من الرسائل”السياسية” في شكل استشارات و اقتراحات و تساؤلات .. رسائل يَوَد أن يسمع معارفي عبرها لرأيي و موقفي و انتمائي السياسي الحالي، و احتراما لحق الناس في تلقي الإجابات، و صونا لعلاقتي بهم، أتقدم لهم، و من خلالهم لباقي من يهمه أن يعرف موقفي، بما يلي:
• مع تقديري لكل شريف – و ليس كل سياسي شريف– ينشط داخل الهيئة السياسية التي انتميت لها في وقت من الأوقات، التي علق فيها المغاربة عليها آمالهم في التأسيس لنهضة حضارية و اجتماعية و ثقافية كتلك التي استطاعت هيئة مماثلة التأسيس لها بدولة تركيا، فإنه لم يعد يربطني بتلك الهيئة سوى رصيد العلاقات الاجتماعية و الأخوة في الله الواجبة، مع من هيأ لي القدر أن أعرفهم و أصطف إلى صفهم.
• من الآن فصاعداً، لن أسمح لنفسي بالتفكير من داخل الجبة السياسية أو من داخل صندوق التفكير و/ أو الإنمائي السياسي لقد اكتشفت في وقت لاحق أن أكبر حزب يمكن للفرد أن ينخرط فيه و يناضل من خلاله، هو محيطه/ وسطه القريب، و من بعده الإنسانية جمعاء، و قبلهما معاً نفسهُ ( نفسهُ .. نفسهُ .. نفسهُ ..) .. أقول هذا لأن صناعة الفارق لا تحتاج إلى بطاقة عضوية من الخارج، بل إلى بطاقة عضوية من الداخل، أي من أنفسنا و مبادئنا و إيماننا و نزاهتنا و إصرارنا .. لقد اتضح لي في آخر المطاف أن الانتماء الحزبي ما هو إلا سلسلة حديدية يكبل بها الفرد (المناضل) ذاته من تلقاء نفسه، بل هي فعلا نوع من الأفيون الذي يدمنه المناضل لعشرات السنوات، حتى إذا استيقظ وجد نفسه بلا انتماء و لا عطاء، و أن الرابحون ما هم سوى الآكلون لأموال الشباب و الأرامل و المرضى بالسحت، بل المهربين لها لتركيا و فرنسا و إسبانيا…
• أنني وصلت إلى خلاصة مفادها أن المُغْرَمون بالسياسة هم في جوهر الأمر ساعون نحو الاغتناء السريع و الشعور بالأمن (الذي يُتَوَهّمُ أن الانتماء يوفره)، و ممارسة السلطة، و العيش وسط المُعجبين، و الاختراق (اختراق الأماكن المغلقة التي كانت حكراً على من سبقوهم من السياسيين)، غير هذه المرامي، أكاد بالكاد أرى شيئاً آخر.
• وجدتُ كذلك أن شراسة التنافس السياسي في المغرب السياسيين غيرُ قادريين على النظر وراء مسافة ظل أجسامهم و الشمس “تنزل” نحو مستقر غروبها .. و النتيجة أن أضرارها (تشتيت/ انقسام/ إحباط/تمييز / إقصاء/ حرق للجهد و الطاقات ..) أكبر بكثير من نفعها .. ففي الوقت الذي تسير فيه الثقافات و الأديان نحو تذويب الخلافات و التركيز على ما يُوَحّدُها، بدل إبداء اهتمام غير ضروري بما يفرقها، نجد أن السياسة و لاعبيها يعملون على زرع التفرقة و النعرات الحزبية و القبلية حتى داخل الحزب الواحد، فما بالك في مجتمع بلغت فيه التعددية الحزبية ذروتها، بل فاقت كل الحدود و التوقعات ..؟
• و قبل الختام، لا بد لي من أن أستحضر أن أي انتماء يحكمه الواقع، و أن في الوقت الذي تتحكم فيه إكراهات عدة في أن تغطي المعاهد و الجامعات و الجمعيات الجادة و الصادقة (على قلتها و نذرتها) كافة التراب الوطني، فإن الأحزاب استطاعت أن تصل إلى كل قرية و واحة، و أصبحت أقرب جُحْر يمكن أن يلجه الشاب الباحث عن معنى لنفسه و لمحيطه .. لكن، خيبة الأمل هو كل ما يمكن أن يجده المُستغور في نهاية كل نفق.
• ختاماً، العودة للكتابة في الموضوع أمر وارد إن شاء الله تعالى.