خنيفرة / جماعة أكلمام أزكزا مغرب من نوع آخر
مريرت (م.ش)
ما لا يمكن الاختلاف بشأنه في الراهن المغربي هو مأزقية العالم القروي وعسر التنمية القروية، وخريطة الفقر الوطنية تظل قروية بامتياز، وأغلب مؤشرات التنمية البشرية المخجلة تظل أكثر تسجيلا بالبوادي .. خصوصا، فيما يتعلق بالأمية و تمدرس الأطفال و وفيات الرضع والأمهات أثناء الوضع، وهشاشة وغياب الخدمات الصحية و الاجتماعية، وأن عنصر التهميش مكون باصم لصورة العالم القروي بالمغرب .. ففي مختلف جغرافياته نكاد نكتشف مظاهر الإقصاء بسهولة و التي تلوح في العجز التنموي على مستوى الخدمات و البنيات .. فالكهربة لم تعرف طريق التعميم، و العزلة لم تفك نهائيا، كما أن الوصول إلى الماء بالعديد من القرى و البوادي ما زال صعبا، وهذا يعني أن الأولويات التنموية لا تجد طريقها إلى التحقق في المشهد القروي .. ( كتاب تحولات المغرب القروي .. أسئلة التنمية المؤجلة ) د . عبد الرحيم العطري.
و المتتبع للشأن العام يظهر له جليا أن المناطق التابعة للجماعة الترابية لأكلمام أزكزا – بخنيفرة تنطبق عليها هذه الخصائص، حيث تعيش أوضاعا كارثية وضرب الفقر و التهميش في أطنابها وضمت إلى سبيل النسيان كأنها جزيرة لا يحكمها دستور البلاد و بعيدة كل البعد عن قاطرة التنمية، ولا شيء تحقق أو سيتحقق فيها منذ تولي المسؤولين ( .. ) على تسيير الشأن العام فيها دواليب الأمور .. ولما تتكلم عن جماعة أكلمام أزكزا، فإنها مختزلة في شخص أو أشخاص معينين، وأضحت حكرا عليهم، وأصبحوا هم الوارثون فيها حقا، ولا يمكن لك أن تذكر هاته الجماعة الترابية دون ذكر ما تتخبط فيه من مشاكل وأحداث متسلسلة، و ما التصق بها من مشاهد الجمود و السكون التامين ترعاهم الكائنات السياسية ( .. ) التي أصبح في يدها خاتم سليمان وصاحبة القرار و المتمسكة بخيوط اللعبة، وبقيت الانتظارات سيدة الموقف خلال كل موسم انتخابي، و مشكل الماء لا زال قائما بحد ذاته باعتباره عنصر الاستقرار وأصل الحياة .. لكن، المسؤولين ( .. ) تجاهلوا ذلك و عدم اكتراثهم بحياة ساكنة المنطقة ودخولهم في حسابات انتخابية، و الاهتمام بالمشاريع و الصفقات .. إذ، سبق لساكنة قبيلة أيت حدو وعلي و قبيلة أيت بوحماد – موغروم التابعتين للجماعة الترابية أكلمام أزكزا أن دخلوا أكثر من مرة في إضراب مفتوح أمام مقر الجماعة و مقر عمالة إقليم خنيفرة، و قطعهم لمسافة 30 كلم مشيا على الأقدام للمطالبة بحفر بئر وخزان مائي، نظرا لما تزخر به المنطقة من منابع وفرشة مائية هائلة .. لكن، دون جدوى، ليبقى مشكل الماء مشكلا عويصا بالمنطقة دون أي جديد يذكر، كما تلقى ساكنة منطقة ّ تافشنا ّ بدورهم بذات الجماعة وعودا بتزويد المنطقة بالماء الصالح للشرب لما يزيد عن 400 من الساكنة المحلية، وبقيت الوعود بدون تنفيذ لأسباب انتخابية محضة، ويبقى شعار ” التصويت مقابل الماء ّ ” هو المتداول بتراب الجماعة، حيث يستفيد الموالون من حصص الماء من أحد الآبار المتواجدة بالمنطقة منذ القدم، وأن ميزانية الحفر و التزود بالماء لم تعرف طريقها الصحيح لتبقى مشاريع حفر الآبار و التزود بالماء مشكلة بدون حل
في الوقت الذي تعد منطقة أكلمام أزكزا و مناظرها الخلابة منتجعا سياحيا بامتياز وموقع طبيعي بمنطقة الأطلس المتوسط، و وجهة مفضلة للسياح الأجانب و أبناء المنطقة وجل المواطنين المغاربة القادمين إليها من ربوع الوطن، وما يصاحب ذلك من حركية دائمة بخصوص مستعملي الطريق .. لكن، حالة الطرق متردية كلها عبارة عن مستنقعات و حفر كالمقابر وضيق و أخاذيذ كأنك تسير وسط الحقول، مما يسبب أعطابا للعربات وبعضها جرفتها الأمطار .. إذ، يتم تخصيص ميزانية ضخمة لهذا الغرض، لكن، الإصلاح يبقى مجرد ترميم هاته الطرق و المتجلي في رمي التراب فوق الحفر وهكذا يظل هذا النوع من الإصلاحات هو الذي يشمل الطرق طيلة عقود من الزمن وكل من أستعمل ما نسميه ” الطرق ” يسب حتى الظروف التي أدت به إلى زيارة هذه المنطقة المنكوبة، والتي تعيش أصلا في عزلة عن العالم بدون كهربة وغياب شبكة الاتصالات و انقطاع الأطفال عن الدراسة بسبب عدم تواجد مسالك طرقية، و إصابتهم بأمراض نتيجة مضاعفات البرد القارس، وانعدام خدمات صحية .. وكالمعتاد تستغل أوضاع المنطقة كورقة مربحة خلال كل موسم انتخابي، حيث يتم زرع وعود الإصلاح و التنمية ولاشيء تحقق أو سيتحقق
ولم تكد مشاكل الماء الشروب و الكهربة و الطرق و المسالك القروية حتى لاحت في الأفق مشكلة الأراضي السلالية، فقد سبق لمناديب الأراضي التابعة لجماعتي أم الربيع – و الحمام أن تقدموا بشكايات في الموضوع لوزارة الداخلية، و والي جهة بني ملال – خنيفرة بسبب إقدام ممثل جماعة أكلمام أزكزا – خنيفرة وحاشيته على تغيير مشهد وخارطة هاته الأراضي، محاولة منهم في إلحاقها بالجماعة الترابية أكلمام أزكزا و البرج في الوقت الذي تعد فيه الأراضي السلالية تابعة لجماعتي أم الربيع – و الحمام، ومحاولة من الرئيس وأتباعه إقصاء ذوي الحقوق، بل دفع الأمر بهذا الأخير إلى التحدث باسم مناديب الأراضي السلالية، محاولا انتزاع مناطق خصبة وتقزيم عمل نواب أراضي الجموع، وعرقلة المساطر وتوطيد النعرة القبيلة بسبب المناوشات التي تقع أكثر من مرة، حيث يحاول الرئيس ضم الأراضي السلالية التابعة لجماعة أم الربيع إلى جماعة أكلمام أزكزا – وتم تجاهل الرئيس للخطاب الملكي السامي بخصوص توضيح خارطة الطريق بخصوص الأراضي السلالية
إن المتأمل للوضع بالجماعة الترابية لأكامام أزكزا بخنيفرة يتأكد له أن المغرب الذي نسمع عنه في جل وسائل الإعلام شيء، و المغرب الذي تعيش فيه هاته الجماعة شيء آخر.