يوسف الإدريسي
دوما تجده يبتسم في وجوه الناس، إنسان طبيعي على سجيته، أنيق المظهر بزيه التقليدي الأصيل، يؤمّ الناس ويتلو عليهم آيات الذكر المبين بصوته الشجي وقواعد لغته الفصيحة، يشترك مع شيخ النحاة في الاسم وكذا الهمة والإرادة .. ذاع صيته بين الناس .. خصوصا، في شهر رمضان خلال السنوات الأخيرة، قبل أن يقرر الرحيل عن المدينة في قرار مفاجئ ولأسباب تعود، بحسب أصدقائه، إلى عدم تلقيه عناية واهتماما من لدن المشرفين عن الشأن الديني بالإقليم .. استطاع بأدائه القرآني أن يستقطب المئات من المصلين .. إنه سعيد سيبويه إمام سابق لمسجد الهدى بحي التقدم والحائز على المرتبة الأولى في المسابقة النهائية لجائزة محمد السادس الوطنية في حفظ القرآن وترتيله وتجويده لعام 1434 من التقويم الهجري التي أقيمت بالعاصمة.
أطلق سعيد سيبويه أول صرخة له في الحياة سنة 1988 بجماعة الكرعاني التابعة لإقليم أسفي، حيث بدأ في حفظ القرآن وهو ابن السابعة بأحد الكتاتيب القرآنية الذي كان يشرف عليه المرحوم محمد الجابري، ليتمّ حفظه كاملا وهو في العاشرة من عمره، قبل أن يتدحرج في دروب الحياة، التي أخذته سنة 2005 لدوار زاوية النعيمي، تحت تأطير الفقيه عبد الرحيم المنصوري الذي أحاله بعد سنة من تلقين علوم القرآن إلى مدرسة الحنيبلات الشهيرة لدراسة العلوم الشرعية، ثم عزز رصيده المعرفي في مدينة أسفي على يد العلامة المتخصّص عبد السلام الكادي، ليحط الرحال بعد ذلك بمسجد الهدى بمدينة اليوسفية كإمام “مشفّع” ابتداء، قبل أن يحصل على شهادة الإمامة سنة 2012 بذات المسجد.
وهب الله للإمام سيبويه صوتا نديا وشجيا، حسّنه بتعلمه قواعد التجويد وتطبيقها كما سبق الذكر، تنطلق الحروف عند الإمام الشاب من مخارجها بغنة تجعل الواقف خلفه يخشع في الصلاة .. صوته الرخو وفصاحة لغته العربية التي يتلو بها القرآن الكريم جعلته يتألق وطنيا أمام أسماء وطنية وازنة في سماء القرآن الكريم.
يقول سعيد سيبويه، إنه يشعر بالفخر والرضا وهو يعيش هذا الموقع الرمزي على حد تعبيره متوجها في الوقت ذاته بالشكر الجزيل إلى كل من سانده في مسيرته القرآنية من عائلته وأصدقائه، كما عبّر عن سرور يخالجه كلما شاهد حشدا من الناس يقصدون المسجد الذي كان يؤُم فيه من أجل الاستماع إلى صوته وهو يرتل القرآن، مؤكدا في الوقت نفسه أنه يحاول دائما أن يكون الإمام الذي يتحدث بما يؤمن به، ويقرأ القرآن بأحاسيس داخلية.
دمت متألقا ضمن كوكبة الإقراء وعوض الله سكان اليوسفية في رحيلك الاضطراري