وسائل التواصل الاجتماعي ولغة التصعيد العدمي والسياسوي الرخيص إلى أين ..؟!
أصبحت منصات وسائل التواصل الاجتماعي ملاذات لمن يوجهون الانتقادات والاتهامات في كل الاتجاهات، عبر لغة تصعيدية احتجاجية تترجم عمق اليأس والغضب من كل من يدفع إلى فتح الحوار المجتمعي المفضي إلى الحلول الكفيلة بتجاوز تداعيات الأزمة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، في غياب المعنيين بتأطير المواطنين من الأحزاب والنقابات والمجتمع المدني الغارقة في تصفية الحسابات بين مكوناتها في الشارع والمؤسسات.
نحن في المستقلة بريس، لسان حال النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، لا نختلف مع المساحة المتاحة عبر الفضاء الرقمي الأزرق، الذي كسر جميع القيود التي تحول دون القدرة على التعبير عن الاحتجاج والاعتراض لهذه الخرجات التي فجرتها الخطب الملكية السامية مؤخرا، سواء المنتقدة لسلوكات النخبة السياسية في الأغلبية والمعارضة، والمتعلقة بفشلها في إنجاز المشاريع والبرامج المقررة، والتي تجاوزت في روحها الفوضوية العبثية الغير مقبولة، والتي جعلت خروج هذه الوجوه عبر وسائل التواصل الاجتماعي لنشر غسيلها الشخصي باسم جميع المغاربة .. وتوضح جسامة المسؤولية الملقاة على عاتق النخب الحزبية والنقابية والمدنية في القيام بواجبها للتخفيف من حدة هذا التنامي لمشاعر الرفض والغضب، التي يتم تصريفها اليوم عبر الشبكة العنكبوتية التي يفتقر أصحابها إلى أبسط مظاهر النضج في التحليل والتعبير عن المواقف باسم الشعب والفئات المجتمعية ضد أوضاع الهشاشة والفقر والبطالة، في غياب التجربة في العمل المنظم في الأحزاب والنقابات والمجتمع المدني.
إننا في المستقلة بريس، لا نبخس الرأي الآخر المخالف، إن كانت توجهه الرؤيا المجتمعية المعبر عنها عبر قنواتها المشروعة .. ونعتبر هذه الخرجات محصلة لسلبية مهام الهيئات المعنية بتربية وتأطير المواطنين، وأن هذه التعبيرات اليائسة والمستفزة والمعربدة والمغرضة في الغضب والرفض ما كان لها أن تخرج عن صمتها وعزلتها الفردية إلا في وجود أسباب احتجاجها واعتراضها المرضي، الذي يمكن احتواؤه في قنوات تصريفه القانونية والتنظيمية داخل الأحزاب والنقابات وجمعيات المجتمع المدني، وبواسطة الحوار الديمقراطي الصريح والمنتج والمواطن والمسؤول.
إذن، يجب أن تكون وسائل التواصل الاجتماعي في نظامنا مساحة للحوار المجتمعي حول جميع الطابوهات التي كان النقاش المجتمعي حولها مصادرا وممنوعا، وبنفس القوة والنزاهة التي تتميز بها هذه الخرجات المتحاملة والمغامرة والمعارضة، كما تتضح في التقييمات الأخيرة للخطاب الملكي في عيد العرش التي لم يستوعب أصحابها طبيعة المرحلة ودقة التحديات التي تواجه الوطن ومضمون الخطاب الملكي السامي النقدي الصريح، عوض أن تكون لهذه الروح المعارضة والمعربدة والمغرضة في اليأس والإحباط والانفعال السوداوي التي تكشف بالملموس عن هول الفراغ وانسداد الآفاق التي يعيش فيها هؤلاء الذين يمطروننا من حين لآخر بمواقفهم العدمية والفوضوية، دون أن تناقش خلفياتها وأسباب التعبير عنها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، التي اتخذوها منصات لتصريف قاذورات سلوكهم السياسي الغير الطبيعي والمرضي، الذي يجب أن يوظف التعبير عنه في الهيئات التي تسمح قوانين الوطن لها بأن تكون متاحة أمام هؤلاء الذين فقدوا القدرة على التواصل الطبيعي مع محيطهم.
نحن في المستقلة بريس، مع حرية التعبير والاحتجاج والنقد .. لكن، في ظل خيمة الوطن وبالاستعمال المواطن والمسؤول لوسائل التواصل في النقد والاعتراض الذي لا يستغفل عقول المغاربة، كالذي توضحه وتفضحه هذه الخرجات لفرسان المعارضة المغامرة والضالة، التي اختارت الطريق الخطأ لتوجيه رسائلها ومواقفها المغرضة في الانفعال الغاضب على ما حمله خطاب العرش من توجهات نقدية إلى المعنيين بتدبير الشأن العام الحكومي والبرلماني والجمعوي والجماعي للاستجابة لانتظارات المواطنين في جميع المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.