عن واقع الاستهلاك المتدهور والخطاب الحالم لوزير الشؤون العامة والحكامة ..!
من يمكنه في حكومة العثماني تحمل مسؤولية مصارحة المواطنين المغاربة بحقيقة ما أصبح عليه الاستهلاك الداخلي من تدهور وإفلاس من جهة، وعجز الحكومة على مواجهة آثاره وتداعياته الكارثية .. وبالتالي، الحديث عن واقع الاستهلاك المتدهور والخطاب الحكومي الحالم اتجاهه، و فشل الاقتصاد الحر الذي عملت حكومتا بن كيران السابقة والعثماني الحالية للترويج له في الحملات الانتخابية والتجمعات الجماهيرية والحزبية.
إن قوة استقرار الاستهلاك لا يمكن بلوغها في ظل قوة شرائية لا تمكن صاحبها حتى في الحد الأدنى من المواد الاستهلاكية الأساسية، فبالأحرى تغطية كل المصاريف المعيشية الضرورية .. فبماذا واجهت حكومتا حزب العدالة والتنمية هذا الواقع الاقتصادي الاستهلاكي الداخلي ..؟ وهل في واقع التدخل الحكومي الإطفائي والترقيعي ما يساعد على وقف أزمة الاستهلاك الداخلي في اقتصادنا الوطني المتحكمة فيه سياسة التقشف التي فرضتها المؤسسات المالية الدولية، فهذا ما يؤكد فعلا أن الحكومة لا تملك الحلول والمعالجات لهذا الواقع الاقتصادي، وما يترجم افتقارها في برنامجها الحكومي إلى ما يقلل من مخاطر ومساوئ نتائج هذه الأزمة على المواطنين الذين وجدوا أنفسهم عاجزين على تحملها من خلال واقع أجورهم ومداخيلهم التي لا يتسمن ولا تغني من جوع.
الكرة في ملعب الوزراء المكلفين بالشأن الاقتصادي والمالي والتجاري، فهؤلاء معنيون بالإجابة عن المقاطعة المجتمعية التي تتزايد اليوم، ليس اتجاه الاستهلاك المعيشي فقط، بل نحو المجال الخدماتي المرتبط بالسياسات العمومية في التعليم والصحة والسكن والتشغيل ومحاربة الهشاشة والإقصاء وذوي الإعاقات الجسمية والنفسية.
إن الذين يجدون جيوبهم فارغة حتى لتأمين الحد الأدنى من الحاجيات الاستهلاكية الأساسية بفعل دخولهم الضعيفة من جهة، وجنون الأسعار من جهة أخرى، غير قادرين على احتواء الأزمة .. إذن، أين تخليق المرفق العمومي وترشيد الإنفاق الحكومي من أجل طمأنة المواطنين من بؤس سياستكم الاقتصادية التي جسدتم فيها أكثر الحكومات المتعاقبة التزاما بتوجهات الأبناك الدولية التي تمدكم بالقروض لتغطية عجز ميزانيتكم السنوية ..؟
من السهل القول ربط عجزكم بالإرث من الحكومات السابقة .. لكن، هذا لا يمكن أن يمنحكم ثقة المواطنين الذين تجاوزوا حزمة مبرراتكم الواهية عن جذور وخلفيات الأزمة الاقتصادية التي لا تملكون اليوم مفاتيح تجاوزها عبر الرهان عن المجهول ولغة الاتهام الرخيص الذي كان يتبناه رئيس حكومتكم الأولى عبد الإله بن كيران، الذي كان يحصره في التماسيح والعفاريت ودوائر التحكم والدولة العميقة وأنتم اليوم المعنيون.
إن أزمة الاستهلاك وجنون الأسعار وعجز الحكومة الفعلي على احتوائهما يترجمه الواقع الذي يواجهه المواطنون المغاربة اليوم .. فما قيمة أجوبة رئيس الحكومة أمام مجلس المستشارين إن كان عاجزا موضوعيا على المواجهة .. فهل أوقفت الإجراءات والتدابير المعبر عنها غلاء الأسعار، وضعف تموين الأسواق الاستهلاكية، وفرضت الجودة والأسعار الملائمة للقوة الشرائية لعموم المواطنين ..؟