جلالة الملك يفعل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة لتخليق المرفق العمومي
كما كان متوقعا بعد الخطاب الملكي السامي في افتتاح السنة التشريعية الثانية، بدأ العمل بتفعيل الفصل الأول من الدستور، المتعلق بربط المسؤولية بالمحاسبة في حق كبار المسؤولين في الدولة ليدشن الترجمة الفعلية لتخليق المرفق العمومي، وتكريس الحكامة الجيدة وإقرار روح المواطنة الحقة في خدمة الصالح العام، مما يدل على أن الزلزال السياسي قد انطلق كما جاء في الخطاب الملكي للبرلمانيين.
لم يبق إذن مجالا للتشكيك في الرؤيا التي يجب أن يتعامل بها أي مسؤول عن الشأن العام، الذي لم يبق المعنيون به محصنون من النقد والمحاسبة التي تجبر المسؤولين على التفاني والإخلاص في أداء مهامهم في القطاعات التي يتحملون مسؤوليتها، مما سيفضي إلى خلق شروط التنافسية والجودة والفعالية في إنجاز خدماتها (القطاعات) لصالح المواطنين الذين طال انتظارهم إلى تلمس العناصر الإيجابية والمشرقة والمنتجة في سلوك المسؤولين على الصعيد المركزي والجهوي والإقليمي والمحلي.
ليس لدينا في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، إلا مباركة هذه المبادرة الملكية الدستورية الشجاعة التي يجب على المغاربة استخلاص العبرة منها في متابعة الشأن العام، ومساءلة المسؤولين عنه للاستجابة للمطالب، وإنجاز المشاريع، وتحقيق الحكامة الجيدة، وتغيير التعامل مع المرفق العمومي الذي كان مستباحا ومستهدفا من الذين كانوا يعتبرون الشأن العام مصدرا للارتقاء الاجتماعي والاغتناء الغير المشروع .. وهذا ما يحفزنا كتنظيم نقابي ومدني إلى الإعلان عن دعمنا اللامشروط لكل المبادرات ذات الصلة بتكريس ربط المسؤولية بالمحاسبة في أجواء التعبئة الوطنية لإقرار دولة الحق والقانون، وتفعيل قيم ومبادئ المجتمع الديمقراطي والحداثي الذي انخرط فيه المغرب في العهد الجديد الذي يقوده جلالة الملك محمد السادس حفظه اللـه، بنبض المغاربة الذين يتطلعون إلى تكريس الديمقراطية والتنمية المستدامة والحكامة الجيدة والحداثة الحقيقية المنشودة.
في معرض حديثنا عن الزلزال السياسي الأخير، على خلفية حراك الريف، ينتصب مجهود المجلس الأعلى للحسابات في تهيئ التقرير الذي طلب منه، والذي أكد من خلال معطياته عن جوانب التقصير في مشروع منارة المتوسط بالحسيمة، وأن المجالس الدستورية الوطنية يمكن أن تلعب الدور الحقيقي المطلوب منها، وأن شعار دولة الحق والقانون لا يجب أن يظل شعارا للاستهلاك الدعائي، وأن متطلبات التنمية والديمقراطية لا يمكن أن تعرف طريقها للترجمة والتفعيل إذا لم يكن هناك إيمان حقيقي بضرورة ترجمتها على أرض الواقع، من أجل إشاعة روح المواطنة والانحياز للصالح العام من قبل كافة الأطراف المعنية بذلك، سواء كانوا أفرادا أو جماعات أو هيئات .. وللتاريخ نقول، وبالصوت العالي، هنيئا للمغاربة بهذه الخطوة الملكية الشجاعة لتدشين عهد ربط المسؤولية بالمحاسبة في أفق تقوية شروط الثقة والإخلاص والالتزام لكل الذين يتحملون المسؤولية العمومية سواء بالتعيين أو الانتخاب.