بين المقبول والمرفوض في مناقشة مدونة الصحافة والنشر في برنامج “مباشرة معكم”
تحدث المتدخلون في برنامج ” مباشرة معكم”، حلقة 04 اكتوبر الجاري، عن قناعاتهم من أسئلة منشط البرنامج، حول مدونة الصحافة والنشر الجديدة، فكان الرفض والرضا يتناوبان في التعبير عنهما في المداخلات، لتجد الجوقة في نهاية البرنامج نفسها مرحبة بالمدونة التي ستنظم الصحافة الرقمية، وتكرس تجويد حقيقي للمشهد الصحفي والإعلامي، كما جاء في الأهداف السبعة التي تصدرت مشاريع قوانين الصحافة والنشر الجديدة، في الوقت الذي كان يجب أن يتبلور التنافس والتقاطع بين من يدافعون عن المدونة ومن يرفضونها.
لسوء حظ المتدخلين، لم تكن أسئلة منشط الحلقة في الاتجاه الذي يُعرف بالمدونة، خاصة المرفوضة من قبل الفاعلين .. وخصوصا، ما جاء في القانون رقم 88/13، مما جعل المداخلات تتبنى مشروعية المدونة في شموليتها ضدا في الانفلات، وعدم التنظيم والعقلنة التي يعرفها المشهد الصحفي والإعلامي، خاصة في مجاله الإلكتروني، حيث ساهم الجهل بمضمون القانون موضوع الخلاف في خروج الحوار عن أهدافه التي تسمح بمعرفة جوانب قصور القانون وتدني إدراك و وعي الذين يناقشونه، في الوقت الذي كان المفروض أن يناقش في كل جوانبه لتوضيح مدى صلاحيته أو انعدامها بالنسبة لفئة المهنيين المعنية بتطبيقه وملاءمة وضعيتها مع مواده.
للأسف، اختلطت المواقف، فأصبح من الصعب التمييز بين المقبول والمرفوض في هذه المناقشة التي شهدتها حلقة برنامج “مباشرة معكم”، التي كان المنشط فيها رائعا في توجيه المناقشة حول ما يريده منها، كرئيس جوق موسيقي فقط، تاركا للمتدخلين الحرية في التعبير عن وجهة نظرهم التي لم تناقش المدونة بقدر ما كانت تغازلها، وتبحث عن ما يتلاءم مع صرامتها، خاصة في قانون 88/13
أجل .. جاء في بعض مما قيل في المداخلات مطابقا لما عبرت عنه النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة سابقا، المتمثل في عدم جواز رجعية القوانين ومصير أصحاب التصاريح القديمة، والموقف من بطاقة الصحافة المهنية التي تسلمها وزارة الاتصال، التي تعتبرها النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة بطاقة خدمات فقط مساعدة للصحافيين على قيامهم بواجبهم المهني، وهذا ما جعل المتدخلين يبحثون عن الملاءمة مع المقتضيات القانونية، بدل أن تصبح هذه المقتضيات معنية بملاءمتها مع واقع الصحافة الرقمية التي تفوقت اليوم في وسائطها عن من تنافسها في التعبير عن كل أجناس الصحافة تحيينا وتحليلا وتعليقا وانتقادا.
من السهل إذن، أن يحضر المقبول والمرفوض في المناقشة .. لكن، أن يكون هذا الحضور بطعم الرضا العام على مشاريع القوانين الجديدة التي صممت لتخدم الأهداف المرجوة منها للذين ساهموا في صياغتها بما هي عليه من تناقضات، وستكون عواقبها أكثر من منافعها على الجسم الصحفي والإعلامي .. خصوصا، الذين يعانون اليوم من غياب ما يساعدهم على التقدم والنجاح في ممارستهم المهنية، في ظل شروطها التي تخدم الأقلية المهيمنة على المشهد الصحفي والإعلامي.
إننا في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، وبكل تواضع نمتلك مفاتيح الخروج من الأزمة التي تطرحها المنظومة القانونية الجديدة، ومستعدون لمناقشتها مع الوزارة الوصية على قطاع الاتصال، ومع باقي الفاعلين إذا ما كانت هناك إرادة جماعية حقيقية لتفعيل نقاش مجتمعي صريح وديمقراطي حول كل الإشكاليات التي يعاني منها إعلامنا وصحافتنا في الظرف الراهن.
أما بخصوص المناقشة السطحية التي أدارها الزميل جامع كلحسن، فنحن في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة أعلم بخلفياتها ومن يقف وراءها، ولا يهمنا إلا التأكيد على أنه بدون مناقشة جذرية ونزيهة وديمقراطية لواقعنا الإعلامي والصحفي لن تساهم إلا في استمرار هذه الضجة المفتعلة حولها إلى ما لا نهاية، وهذا لا يخدم إلا أعداء تكريس إعلام وطني حر ومستقل وديمقراطي ومواطن.