أفتاتي والإمعان في خطاب المظلومية واستعراض العضلات ضد خصومه
مرة أخرى يحاول صاحب نموذج الخرجات البنكيرانية تسليط الأضواء على ذاته ومواقفه التي لا يحسد عليها، إنه عبد العزيز أفتاتي البرلماني والقيادي السابق في حزب العدالة والتنمية الذي يحاول التغريد خارج السرب الحزبي الذي لم يفارق المسؤولية الحزبية رغم تراجعه الانتخابي المدوي في المدن التي لم تتعد نسبة المشاركة فيها 25 %، ونسبة المشاركة 43 %، لولا مشاركة الناخبين في الأقاليم الجنوبية نسبة 57 %، والتي تعتبرها قيادته غير صحيحة، نظرا لتدخل قوى الفساد والموالين لدوائر التحكم والدولة العميقة التي حرمت حزب العدالة والتنمية من ترجمة الإرادة الشعبية التي يتمتع بها في المشهد الحزبي والسياسي الوطني.
إن ردود هذا القيادي من البيجدي على أحداث الريف، ومشاركة الاتحاد الاشتراكي في حكومة سعد الدين العثماني، وتطورات حوار حزبه من أجل تشكيل الحكومة، وموقفه الشخصي من حزب الأصالة والمعاصرة، كما جاء في الحوار الذي أجراه معه الزميل في المهنة محمد بها، الذي يوضح البلبلة والاختلال في وعي الرجل اتجاه شريط الأحداث، سواء ما قبل الانتخابات ل. 07 اكتوبر 2016، أو ما بعدها، الشيء الذي يطرح أكثر من علامة استفهام حول طبيعة تعامل مناضلي وقيادي مع هذه المرحلة التي عبرت عن الوجه الحقيقي لحزب العدالة والتنمية من كل ما جرى منذ الاستفتاء على دستور 2011، الذي يطالب أفتاتي بإعادة النظر في اختصاصات رئيس الحكومة التي لا يزال وزنها لصالح المؤسسة الملكية، سواء في اختيار الوزراء أو إقالتهم، أو اتخاذ القرارات الكبرى .. والمضحك في ثنايا الحوار، أن أفتاتي يعتبر بن كيران في مصاف وموقع زعماء الوطن الكبار، ك.عبد اللـه ابراهيم وعبد الرحمان اليوسفي و امحمد بوستة وعلال الفاسي.
ما طرحه أفتاتي عن أسباب التحالف مع الاتحاد الاشتراكي الذي اعتبره من توجهات التحكم لبلقنة الأغلبية النسبية التي سيدير بها حزب العدالة والتنمية الحكومة الجديدة، مع أن هذا الدخول فرضته القضية الوطنية التي كانت تقتضي قرارا من مجلس النواب الذي لم يرشح حزبه (العدالة والتنمية) أي قيادي له، إلى جانب عدم تمكن حزبه من مواصلة سياسة الإصلاح ومحاربة الفساد في الوزارات التي كان يقودها في النقل والتجهيز والاتصال وتخليه عن عدم الإشراف على الحقائب الحارقة في الاقتصاد والمالية والصحة والتعليم والثقافة والاتصال في الحكومة التي يقودها العثماني، وخوفه من اقتراح الحوار الوطني حول الأزمة المجتمعية الذي طرحه حزب الأصالة والمعاصرة و حزب التقدم والاشتراكية، وعدم تحركه اتجاه مناورات خصوم قضية الوحدة الترابية، وتفاعلات أحداث الحسيمة التي حاول أن يعتبرها من إنتاج المجالس الجماعية والجهوية التي يوجد على رأسها حزب الأصالة والمعاصرة، مع أن حزب العدالة والتنمية يملك الحلول للمشكل على الصعيد المركزي الحكومي.
إن الأخطر في الاستجواب هو اعتبار أفتاتي لحزب الأصالة والمعاصرة بأنه الحزب الفاسد الذي صنعته الدولة العميقة والحركة الإصلاحية الظلامية، التي كانت وراء “البلوكاج” الحكومي ورحيل عبد الإله بن كيران الذي عاد للواجهة من خلال تلميع ذاته في حزبه في أفق الظفر بولاية ثالثة لرد الاعتبار، وتنفيذ المشروع الإخواني الإسلامي الذي ظل يسوق له خلال الولاية الأولى لحزبه على رأس الحكومة، وهذا ما يحيلنا إلى أن أفتاتي الذي يطمع في استعادة قيادة حزبه لم يخرج عن جوقة المطبلين والمروجين للبركة التي يملكها حزب المصباح الذي لم يعد قادرا على تحقيق التوازن حتى داخل قواعده، فبالأحرى امتلاك القدرة على مواجهة خصومه في المشهد السياسي والحزبي الذي لم تتوقف مهازله حتى الآن.
إن أفتاتي وبالإصرار على النهج البنكيراني المسوق للدولة العميقة والمشروع الاجتماعي الإخواني وخطاب المظلومية، إنما يترجم حقيقة السقوط المبكر لهذا الحزب الذي يعتقد أنه المؤهل لإدارة شؤون البلاد والعباد وفق وصفة المؤسسات المالية الدولية التي تمده بالقروض لإنقاذ عجز ميزانياته السنوية، وتنفيذ الإصلاحات التفقيرية والطبقية التي يعاني المغاربة من آثارها في جميع المجالات .. ونظن في المستقلة بريس، لسان حال النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، أن أفتاتي كان أمينا في التعبيرعن مواقف حزبه الانهزامية والانتهازية الواضحة، وأنه لم يخرج عن صف الجوقة التي تعمل على صياغة التعديل في القانون الأساسي للحزب، الذي يبيح لابن كيران الحصول على الولاية الثالثة في حزبه ضدا في مبدأ التداول على السلطة.