* محمد شدادي
تنطفئ أخيرا الشمعة الأولى في الذكرى السنوية لانتهاء مدة عقد الكراء المبرم من طرف الجماعة الترابية للمنزل، مع شركة ميديتيل، المؤرخ في 28 أبريل لعام 2000، والمتعلق بالقطعة الأرضية التابعة لأملاك جماعة المنزل، المتواجد مقرها بالمسبح القديم بشارع محمد الخامس، والتي تستغلها الشركة المذكورة لإقامة محطة متنقلة للاتصالات وسط حي مأهول بالسكان في وسط المدينة.
وفي الوقت الذي ظلت فيه الساكنة تترقب بفارغ الصبر، انتهاء مدة الكراء المحددة في 15 سنة كاملة، والتي تقرر اكتمالها مع متم سنة 2015، كما نص على ذلك بشكل صريح الفصل الأول من عقد الكراء .. بهدف التخلص من أضرار هذه الشبكة على صحة ساكنة الحي، لوجودها بمحاذاة منازلهم .. ورغبة في تحرير هذا الوعاء العقاري المتميز في حوزة الجماعة؛ والتي كان من الممكن أن تستغله لإقامة مرفق حيوي يعود بالنفع الجم على المواطنين، ويسهم في تنمية وتنشيط الحركة الاقتصادية للمدينة الراكدة .. يتفاجأ الجميع بعدم ترحيل محطة هذه الشركة بعيدا عن الحي السكني، مع عدم إفراغها للعقار التابع للجماعة، واستمرارها في استغلالها بشكل طبيعي ..!
ومع توالي الأيام والشهور .. تظل محطة “ميديتيل” شامخة بشارع محمد الخامس، وسط حيرة وذهول المواطنين، التي مافتئت تتحول تدريجيا إلى سخط وغضب وتذمر، بعد الجمود المستفز، والصمت المطبق، ولامبالاة المسؤولين عن الجماعة الترابية في مواجهة هذا الاحتلال غير القانوني، والذي استمر خارج المساطر المعروفة طيلة سنة كاملة ..! ليتحول عقد الكراء إلى “عقدة” في مسار الجماعة وسجل المدينة ..!
ولاشك أن موضوع تحرير هذا العقار كان ضمن أولويات المعارضة بالمجلس، والتي لم تدخر جهدا في محاولة تحريره، بعدما تقدم خمسة مستشارين بسؤال كتابي لرئيس الجماعة بمكتب الضبط، تحت عدد 46 بتاريخ 18 يناير 2016، يلتمسون من خلاله فسخ العقدة التي تربط بلدية المنزل بشركة الاتصالات “ميديتيل”؛ وتخصيص الفضاء الذي تشغله الشبكة لإقامة مستودع بلدي، وهو ما أجبر رئيس الجماعة ـ الذي بوغت بهذه المبادرة ـ على مراسلة المدير المركزي للخدمات والشبكات ونظم المعلومات بشركة “ميديتيل” تحت عدد 105 بتاريخ 21 يناير 2016 مباشرة بعد ثلاثة أيام من تلقيه لملتمس المعارضة، يخبره بعدم تمديد عقد الكراء المبرم بين الجماعة والشركة، وبضرورة إفراغ العقار وتمكين الجماعة من حيازته في أقرب الآجال.
غير أن شركة “ميديتيل” لم تلتفت لمراسلة الرئيس، ولم تعبأ بمضمونها، ولم تكلف نفسها حتى الرد عليها، ولم تهتم إطلاقا بتنفيذ ما جاء فيها، و واصلت استغلال العقار رغما عن الجميع ..! في الوقت الذي ظلت فيه استجابة المسؤول المحلي محبطة، تدعو إلى التشاؤم وتبعث على الارتياب، مع عدم تسجيل أي ردة فعل تجاه هذا التجاهل العجيب، والتماطل ..! الذي ضاعت معه صبغة المصلحة العامة، وأفسح المجال لعدة تساؤلات بدأت تلوح في الأفق، وتلوكها الألسن، وتترقب لها الإجابة الشافية، من قبيل، متى تتكرم شركة الاتصالات بإخلاء عقار الجماعة ..؟ وإلى أي حد ستتصدى الجماعة لهذا الاحتلال، وتجبر الشركة على الإفراغ ..؟ وما هي الأسباب الحقيقية الكامنة وراء تأخر الرئيس في المطالبة بهذا الإفراغ ..؟ وألا يحتمل أن يكون هذا التأخير المتعمد قد جدّد تلقائيا عقد الكراء، ومدّد مدته وجعله قانونيا، لاسيما وأن المطالبة بالإفراغ جاءت متأخرة بعد انتهاء مدة العقد بأسابيع، ولم تمنح للشركة مهلة للبحث عن مقر بديل وترحيل أمتعتها ..؟! وأين توارت مداخيل كراء هذا العقار طيلة هذه السنة ..؟ وإلى متى ستضيع حقوق الساكنة مع تعنت الشركة، وتنصل المسؤول المحلي عن القيام بواجباته في آجالها القانونية ..؟
*أمين فرع النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة / صفرو