حتى لا يتم الإجهاز على ظهير الحريات العامة والتراجع عن حرية الصحافة (2) ..!
نحمد اللـه في الوطن، أن جلالة الملك حفظه اللـه، يؤكد على الدور الرقابي والإخباري للصحافة المغربية، التي أصبح من في نفوسهم مرض يشعرون بالحقد والغضب على ما تقوم به لصالح الرأي العام الوطني، من أجل تأمين مصالح الوطن العليا .. هؤلاء الذين يريدون تأويل القوانين وفق مصالحهم، كما يتضح هذه الأيام من خلال الجدل المفتعل حول ضرورة توفر من يريد إنشاء جريدة ورقية أو إلكترونية على البطاقة المهنية التي تسلمها وزارة الاتصال، مع أن هذه البطاقة لا يصل مقامها إلى حرمة الظهير الشريف الخاص بالحريات العامة، الذي يريدون إفراغه من رمزيته التاريخية وحرمته الدستورية، التي يعززها الظهير الصادر سنة 2003، واستغلال ذلك في تحجيم وتقليص مساحة الحرية الممنوحة للصحفيين في هذا الظهير الشريف .. وبالتالي، ممارسة التحكم الفعلي في الصحافة وتقليص وظائفها الإخبارية والنقدية والتنويرية، وتنخرط في هذا الجدل المفتعل الأغلبية الحكومية السابقة وصقورها في الصحافة الإلكترونية، الذين تحولوا إلى حراس للدفاع عن الحكومة وأغلبيتها حتى وإن صدرت منها الأخطاء والتجاوزات التي تستوجب المتابعة الصحفية والمساءلة النقدية، كأن الحكومة وأغلبيتها محصنة من نقد الصحافة ومتابعتها.
نحن على علم وعلى يقين تام، أن الهدف المركزي من ترسيم وتكريس هذا الخرق لظهير الحريات العامة يستهدف منع الصحافة من القيام بدورها الرقابي والنقدي .. وفرض هذا التأويل الخاطئ لمضمون الظهير الشريف عبر هذا الإجراء التعسفي، في فرض بطاقة الوزارة الوصية على قطاع الاتصال ضمن شروط تصريح النيابات العامة بالمحاكم الابتدائية بإنشاء الجرائد والمواقع الإلكترونية .. وبالتالي، الضرب بقدسية ودستورية الظهير الشريف الذي كان صدوره مباشرة بعد الاستقلال دليلا على انخراط المغرب ضمن الأسرة الدولية في ترجمة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان .. وفي الوقت الذي لا تتعدى قيمة بطاقة الوزارة بعدها “الخدماتي” لصالح الصحفيين الذين تقرر المؤسسات التي يعملون فيها في هوية مؤهلاتهم المهنية، إلا إذا كانت الوزارة تعتبر الصحفيين موظفين لديها، ويجب أن يحملوا بطاقتها، رغم أن الصحفيين خارج الوزارة مستقلون عنها ويعملون في مقاولات صحفية حرة خاضعة لمضمون الظهير الشريف الخاص بالحريات العامة ولقانون الشركات الخاصة.
إن المروجين للإشاعة، يحاولون فرض الأمر الواقع لمشروعية هذا الجدل المفتعل لإقرار شرعية بطاقة وزارة الاتصال “الخدماتية” بدل إقرار شرعية البطاقة المهنية التي تسلمها المؤسسة التي يشتغل فيها الصحفي، والتي على أساسها يتابع أمام المحاكم في ظل منظومة القوانين السائدة حتى الآن .. ونعتقد في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، أن هذا الترويج وراءه من يروجون ويطلبون ويزكون لمن يوجدون في المسؤولية العامة، التي أكد الدستور على وجوب ربطها بالمحاسبة، ومنها المساءلة والمتابعة الصحفية المعبرة عن الرأي العام كسلطة رابعة، التي نتمنى أن تتم دسترتها لمنع هؤلاء من الإجهاز على حرمة القوانين في صيغتها كظهائر شريفة كهذا الظهير المتعلق بالحريات العامة الخاص بالحق في حرية التعبير الصحفي .. وحتى لا يشعر المروجون لهذه الإشاعة -قصد ترهيب وتخويف الصحفيين- نؤكد من موقعنا في النقالة رفضنا واستنكارنا لهذا العبث بحرمة ظهير الحريات العامة الذي يعتبر من علامات تطور مشهدنا السياسي والإعلامي والصحفي والثقافي في الوقت الراهن منذ إقراره في بداية استقلال المغرب.