يوسف الإدريسي
مع اقتراب أربعينية بوعزيزي المغرب الذي جرفته وابنته سناء سيول فيضان وادي كشكاط الذي ضرب إقليم اليوسفية في السادس من شهر نونبر المنصرم. لن أعيد سيناريو الأحداث وروايات الأشهاد ومأساة أسرة مكلومة تنتظر الفرج الذي قد يطول، بل سأتحدث عن مسيرة تحد ونضال ليس كالنضالات المألوفة إعلاميا، وإنما هو نضال من نوع خاص بطله رضوان البوعزيزي الذي ناضل في صمت وصمد في وجه واقع مزر، متحديا كل العراقيل والصعاب، لم توقف عزيمته السياسات التدبيرية العرجاء ولا الوعود والشعارات الجوفاء .. امتهن حرفة البناء واشتغل مياوما، سابرا بكل أنفة أغوار بحر هائج وجارف من أجل رعاية أبنائه الأربعة، حتى لا يأتي يوم على الوطن يشكو للزمن أبناءه من سوء تربية أو تفريط عناية، في خطوة سلوكية تجسد حقيقة المواطنة التي نسمع بها في الشعارات ولا نراها على أرض الواقع.
أنبكي عليك يا رضوان، أم نبكي حالنا من بعدك ..؟! بكاء قد يحرق الخدود في حدود زمن لا يتجاوز غدرات الزمن ذاته، إذا لم نتصالح مع ذواتنا ونستثمر الحدث في أفق استشراف ربيع زاهر معطاء ينسجم مع عطاءات الإقليم على المستوى الثقافي والاقتصادي.
يقول مثل فارسي “في قلب الشتاء يولد الربيع” واليوسفيون بدورهم يأملون في أن تتحول السيول والأمطار إلى جنة تنموية يمتد عرشها من هضاب الكنتور شرقا ومآثر إيغوذ غربا إلى بحيرات سيدي شيكر جنوبا.
لا نريد أن نضيع فرصة هذا الربيع الذي سيولد في عز شتاء قاس، كما ضيعنا فرصا تاريخية قد تعود وقد تنقطع.
هذا الربيع الذي ابتدأت نسائمه تضوع في الأجواء عقب العثور على جثة الفقيد، حين وعد عامل الإقليم ساكنة اليوسفية في تصريح صحفي كونه سيعمل على رفع مشاريع بنيوية وتقارير تنموية من شأنها المضي بالإقليم قدما إلى مصاف أقاليم المغرب النافع، كما وعد بتشغيل أرملة الفقيد وعدد من الشباب ضمن مصالح موسمية وقارة.
كان الأمر صعبا في البداية حتى أصدق تصريحه اعتبارا لواقعنا الذي لا يراد له أن يرتفع، إلا أن نبرة كلام عامل الإقليم كانت نافذة في غير عادة، أقولها بصدق، وكأن شيئا قادم مما استقبل من أيام لا يعلمه إلا اللـه .. حسن الظن هو الأصل، بالمقابل تعميق الجراح يؤدي حتما إلى تعفنات والتهابات قد تدمر كل شيء في الجسم.