في أفق مؤتمر البيئة والمناخ في مراكش
1 – الدول الصناعية مصدر التلوث البيئي والاحتباس الحراري
إن التهديدات التي يواجهها كوكب الأرض اليوم تعود أسبابها الموضوعية إلى الدول الصناعية التي تتخلص من نفاياتها على حساب أمن وصحة الشعوب النامية التي أصبحت بالنسبة للدول الصناعية مطارح للمواد السامة والمخلفات الصناعية التي تنتجها، ناهيك عن النفايات الغازية والكيماوية المؤثرة على بيئتها، خصوصا دول أمريكا الشمالية وأوربا الغربية التي وجدت في الدول النامية الخلاص من تداعيات نفاياتها على صحة سكانها ونظافة بيئتها الطبيعية.
إذن سخونة الغلاف الغازي، وتأثر طبقة الأوزون بالأشعة الشمسية التي تتسرب من الثقب الموجود غي هذا الأوزون تتحكم فيه نسبة الإفرازات الغازية من المحروقات الصناعية التي تقذف بها الدول الصناعية بنسب عالية، جعلت الاحتباس الحراري من أكبر التحديات المؤثرة على التوازن البيئي الطبيعي، وعلى توزيع الحرارة والتساقطات في الأرض، والذي لا يمكن أن يتغير لصالح المجتمع الإنساني إذا لم تسارع الدول الصناعية إلى الالتزام بما يخفف من عواقب نفاياتها الصناعية والكيماوية على البيئة والغطاء النباتي والاعتدال في توزيع الحرارة والتساقطات.
لا نرى في جريدة المستقلة بريس، في توصيات المؤتمرات العالمية السابقة أن هناك مبادرات من حكومات الدول الصناعية الغنية في مجالات تقليص النفايات المضرة بالتوازن المناخي والبيئي، حيث لازالت شركاتها المتعددة الجنسية حرة في تصريف عواقب الإفرازات الكيماوية والغازية بالرغم من التزام الحكومات بالضغط في اتجاه تقليص الانبعاثات المساهمة في الاحتباس الحراري التي تؤشر في حال استمرارها بأوخم العواقب الكارثية على الوجود الطبيعي والبشري والحيوي فوق الأرض، ويظهر من نتائج الأبحاث والدراسات والرحلات العلمية الجغرافية إلى أن التوازن في توزيع اليابس والماء فوق الأرض يرتفع لصالح الماء الذي تؤكد كل الدراسات أن منسوب المياه سيرتفع سنويا بأكثر مما هو عليه الآن، وأن هناك مناطق منخفضة في اليابس ستزول بعد انجرافها في قارات العالم القديم، وتحذر الجهات العلمية المختصة في الطقس والمناخ والمياه إلى أن العالم مهدد بفقدانه للتوازن الذي يوجد عليه حاليا.
في مقابل توجهات هذا التيار السوداوية المتشائمة، هناك اليوم من يتفاعل بعكس هذه التوقعات السلبية انطلاقا من ما يقع في طبقة الأوزون التي بدأ يتراجع ثقبها، مما يعني أن الأرض لن تكون عرضة للمزيد من الإشعاع الشمسي وللاحتباس الحراري، ويتخوف العلماء من ارتفاع نسبة سخونة الغلاف الغازي نتيجة لتزايد النشاط البشري المنتج للغازات المؤثرة في ارتفاع ثاني أكسيد الكربون، خاصة في الدول الصناعية التي تبحث شركاتها الاستثمارية عن الربح ومراكمة رؤوس أموالها فقط، بالرغم من عواقب هذا التوجه الاستثماري الاحتكاري الذي يوجه نشاط شركاتها الاستثمارية الصناعية المتعددة الجنسية التي ساعدتها عولمة رأسمالها في السيطرة على مناطق إنتاج الطاقة والمواد الدولية والأسواق الاستهلاكية.
لن نغلق الحوار حول هذا الموضوع بحاضر ومستقبل المناخ فوق الأرض، وسيكون على جميع الأطراف المتحكمة في صناعة القرار السياسي والاقتصادي في عالمنا مسؤولية حماية الحياة والبيئة في عالمنا الذي أصبح مستهدفا إذا لم تتم حماية التوازن الذي يقوم عليه الوجود الطبيعي والبشري والحيوي، ونعتقد أن المؤتمرات العالمية التي بدأت تنعقد لمناقشة هذا الواقع، وإيجاد الحلول له أصبحت من الأولويات التي يجب احترامها، خاصة من الأطراف التي تتحكم في صناعة القرار الاقتصادي.