ميلودة حازب .. أو الكاريزما النسوية المغربية القوية ..!
المستقلة بريس / متابعة
من متابعتنا عبر التلفزة المغربية للجلسة التي خصصت لمناقشة قضية النفايات السامة الإيطالية، برز دور النساء في مداخلاتهن في مناقشة وزيرة البيئة، وخصوصا مداخلة ميلودة حازب، رئيسة فريق الأصالة والمعاصرة في مجلس النواب، ليس في إبراز مخاطر استيراد النفايات وآثارها على الصحة والبيئة، ولكن في مناقشة السياسة الحكومية حول هذا الموضوع ومحاسبة المسؤولة عن قطاع البيئة، حيث لم تترك النائبة الفرصة تمر دون توجيه النقد للتدبير الحكومي بصفة عامة، وإبراز جوانب خلله البنيوي وضعفه في جميع المجالات.
من خلال ردود الفعل حول هذه الجلسة الساخنة، يتبين ما قدمه العنصر النسوي في مداخلاته من الجوانب والمواقف التي تؤكد على محورية دوره وقوة مساهمته الميدانية في إغناء الحوار داخل قبة البرلمان .. وفي هذا الإطار، نضع مساهمة ميلودة حازب التي كانت بالفعل تعبر عن كاريزما سياسية قوية تؤكد من خلالها المرأة المغربية على مؤهلاتها في الحضور الجاد وفي تنشيط الحوار داخل البرلمان، وللرفع من مستوى جودة الأداء التي يجب أن يكون عليه الحوار في هذه المؤسسة، وهذا ما عكسته مداخلة ميلودة في عرض موقف حزبها من قضية استيراد النفايات الإيطالية، وتحويل منطقة آسفي إلى مطرح عالمي للنفايات، حيث لم تقف ممثلة حزب الأصالة والمعاصرة عند مخاطر النفايات على البيئة والصحة العامة، بل إلى محاسبة السياسة الحكومية بصفة عامة، وإبراز محدودية وفعالية سياساتها العمومية في جميع المجالات.
إن ما استخلصناه في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، من الجلسة لا يخص مظاهر الشخصنة الكاريزمية ل. ميلودة حازب فقط، ولكن الجوانب المشرفة للنساء المغربيات في البرلمان والحكومة .. فالنائبة حازب أظهرت الجدارة والقيمة المضافة للمرأة المغربية في البرلمان التي لم يعد وجودها لتزيين الديكور والواجهة، بل أصبح يعكس الحضور المنتج والفاعل للمرأة في الحياة السياسية الوطنية إلى درجة تقديم كاريزما نسوية قوية في شخص نائبة حزب الأصالة والمعاصرة، التي عبرت عن ذلك في مداخلتها التي شكلت إضافة نوعية ومؤثرة تؤكد على ما يمكن أن تترجمه المرأة المغربية في مجتمعنا المغربي، وفي المجالات التي كانت احتكارا خالصا للرجال فقط .. ما نقوله على ميلودة حازب، يمكن تعميمه على نبيلة منيب، زعيمة الحزب الاشتراكي الموحد، وعلى غيرها من النسوة في أكثر من قطاع، وهذا ما يقتضي اعترافا مجتمعيا بضرورة تحفيز المرأة المغربية على الانخراط في جميع القطاعات التي يمكن أن تساهم فيها في الارتقاء والإغناء والاجتهاد وتجاوز الرؤيا التمييزية السلبية السائدة عنها حتى الآن .. ولعل ما عبرت عنه رئيسة فريق الأصالة والمعاصرة في الجلسة العامة ليوم 12 يوليوز الجاري، يكشف بالملموس لقيادات أحزابنا على أهمية العناية بالعنصر النسوي، وتمكينه من فرص الترقي والحضور والاجتهاد في المؤسسات الحزبية التي لا يزال الحضور النسائي فيها محدودا ومحتشما.
إن ما لمسناه في هذه الكاريزما النسائية يحرض على تجاوز المنظور اللاديمقراطي الذي يتم التعامل به مع العنصر النسوي في مجتمعنا، والذي لا يليق به بالنظر لما يمتلكه من عناصر القوة والفعالية والإنتاجية والمعرفة التي تحتاج إليه المرأة لأداء مهامها في المؤسسة التشريعية، وهذا ما برهنت عليه النائبة ميلودة حازب في مداخلتها في موضوع النفايات، التي أقنعت فيها الحاضرين بوجهة نظر حزبها الصارمة اتجاه إجابات الوزيرة المنتدبة لدى وزير الطاقة والمعادن والماء والبيئة، المكلفة بالبيئة، التي حاولت أن تبرر القرار الحكومي الذي منح الشرعية لعملية استيراد النفايات السامة من إيطاليا، ومن المؤكد أن المرأة تستطيع أن تناقش إذا ما تم تشجيعها، وهذا ما لم يأت في قانون المناصفة المصادق عليه مؤخرا، مما يفرض على النساء استمرار خوض المعارك حتى تحقيق المكاسب التي طال انتظارها رغم توسع مظاهر حضور المرأة الإنتاجي والتدبيري والتنموي اللافت في جميع القطاعات.
إن ما عاشه مجلس النواب في هذه الجلسة العامة، يعزز المطلب المجتمعي والنسائي في الارتقاء بدور المرأة التي تتوفر على كل عناصر المشاركة والقدرة على تحمل المسؤولية، وهذا ما عبر عنه جلالة الملك من خلال الدور القيادي والإنساني الذي تمارسه زوجة جلالته صاحبة السمو الملكي للا سلمى، في مؤسسة للا سلمى لمحاربة داء السرطان، وغيرها من الأميرات في المجالات المسؤولة عنها .. ونظن أن ميلودة حازب بهذا الحضور المتميز في البرلمان تفتح الطريق للمطالبة بالمزيد من الفرص للنساء في الوطن من أجل المساهمة في بناء الوطن وحمايته وتطوره .. ونظن أن المنظمات النسائية على اختلاف مرجعياتها يجب أن تتضافر جهودها لإبراز وترجمة ما تتوفر عليه المرأة المغربية من قدرات ومؤهلات.
على الفاعلين في مختلف المجالات اليوم، استحضار هذا الحضور النسائي القوي للمرأة والتخلي عن التصور النمطي التحكمي التمييزي اتجاهها، والمبادرة إلى تقوية مشاركتها التي ارتفعت بحكم التطور الديمغرافي الذي يميل لصالح النساء، والحاجة المجتمعية إلى الاستفادة من خبراتهن ومؤهلاتهن المتعددة، والتعبئة إلى جانب إخوانهن الرجال لترجمة كل الرهانات ومواجهة جميع التحديات التي أصبحت تقتضي مشاركة المرأة في التصدي لها، وقد ساهم حضور المرأة البرلماني في الارتقاء الكمي والكيفي بدور البرلمانيين في أعماله، وهذه الصورة التي ترجمتها ميلودة حازب وغيرها في هذه الجلسة في موضوع استيراد النفايات المضرة بالصحة العامة وبالبيئة تمثل إضافة متقدمة لما يمكن أن تنجزه النساء في الوطن .. ونعتقد أن الكرة الآن في المجال السياسي في ملعب قيادات الأحزاب والنقابات والمجتمع المدني لتكريس هذا التوجه الإيجابي اتجاه المشاركة الفاعلة للمرأة المغربية في حياة الوطن، والجودة المتقدمة التي تترجمها في جميع المجالات التي انخرطت فيها.