دول الخليج العربي والتورط في مستنقع محاربة محور المقاومة
مع توسع الحرب في سوريا والعراق واليمن، واتضاح هوية الأطراف المشاركة فيها، برز الحضور الخليجي كأحد المساهمين في تمويل هذه الحرب عبر الحركات التي تحارب بالوكالة لتنفيذ مخطط الهيمنة الأمريكي الصهيوني الذي ترفضه دول محور الممانعة في المنطقة، ويشكل التحالف الذي تقوده السعودية وقطر الأداة التي توجه وتنفذ هذا المخطط، ولا تستطيع دول الخليج الخروج من هذا المستنقع بعد أن أصبح يغطي سوريا والعراق واليمن ويتجه إلى الالتفاف على لبنان ودول الخليج نفسه، بعد أن أصبحت مشاركة إيران وروسيا ضمن الأطراف المتصارعة إلى جانب أمريكا وبعض دول الاتحاد الأوربي.
من حقنا في غرب الوطن العربي، أن نسائل دول الخليج التي وسعت الحرب في الشام وبلاد الرافدين وشبه الجزيرة العربية عبر تحالف عاصفة الحزم الذي تشارك فيه عدة دول من العالم العربي وخارجه عن أهداف تورطها الذي ستكون له تداعيات ستؤثر على أوضاعها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، خاصة بعد أن أصبح الصراع مفتوحا بين التيار السني والشيعي على النفوذ في المنطقة الذي يدور مباشرة بين السعودية وإيران، ومع اتساع جغرافية هذا الصراع لا يستبعد أن يتطور إلى حرب عالمية ثالثة بعد إعلان عدة دول من خارج المنطقة للمشاركة فيها ضد تنظيم الدولة الإسلامية والحركات الإرهابية التي تنشط في الشرق الأوسط الذي يراد له أن يحترق في أفق تفكيكه وبلقنة شعوبه، كما تم التخطيط لذلك في اتفاقية “سايس بيكون” جديدة بطعم البهارات الاستعمارية التي وضعتها أمريكا لتأمين مصالحها وحماية إسرائيل وفق المد الروسي الصاعد الذي يريد استرجاع إرث الاتحاد السوفيتي في هذه المنطقة.
إن دول الخليج المشاركة في هذا المستنقع تعي جيدا عمق المؤامرة التي تشارك فيها والتي ستدفع فاتورتها، وأنها أضحت مشاركة بإرادتها في هذه الحرب في إطار المخطط الهيمني الغربي الذي يريد ترويض العرب على أهدافه السياسية والاقتصادية والثقافية، ومنها التطبيع مع الكيان الصهيوني وفرض شرعية وجوده وسط العرب في أفق تصفية القضية الفلسطينية وفق المنظور الصهيو أمريكي المطروح، والذي يجب على الدول الخليجية القبول به والمشاركة في إقراره بالقوة على شعوب المنطقة.
إن مقدمات هذه الخريطة للشرق الأوسط الجديد تقتضي من دول الخليج دعم المخطط الاستعماري الغربي بالوسائل المتاحة أمامها عبر دعم معارضي محور المقاومة، وتمكينهم من السلاح والمال لإجبار مراكز قوة محور المقاومة الاعتراف بالمخطط الهيمني الغربي، عبر بوابة مناصرة المعارضة والحركات الإسلامية الراغبة في السلطة، وفرض رؤياها ومشروعها المكرس لنفوذها في الأقاليم التي تتمنى السيطرة عليها.
إذن، وعلى ضوء ما سبق، يتضح أن أنظمة الخليج تعمل على تمويل المعارك بصفة مباشرة أو عبر وكلائها من الحركات المسلحة في مناطق المواجهة مع الأنظمة الرسمية، مع التلويح أيضا بجهودها لإحلال السلم والهدنة في هذا المستنقع الملتهب الذي يراد له أن يكون مقبرة لجميع حركات المقاومة ضد أمريكا وإسرائيل .. لهذا، فقد أضحت الدول الخليجية ممولا للأسلحة وللمليشيات التي تجند للإبقاء على الحروب رغم علمها أنها ستدفع ثمن ذلك في المستقبل .. خصوصا، السعودية وقطر المتدخلان بصفة مباشرة في هذه المواجهة ضد محور الممانعة، وقد بدأ التأثر يظهر في ميزانياتهما السنوية التي لم تعد توفر لهما الاستقرار والتوازن بعد الفشل في احتواء أزمة انهيار أسعار النفط وزيادة فاتورة هذه الحروب التي تشارك فيها لصالح الدول الغربية.