د.الصديق بزاوي
يعيش الشعب المغربي حالة ترقب حدث الانتخابات التشريعية، وتكمن أهمية الحدث في كون رئيس الحكومة يتم تعيينه من الحزب الذي يحصل على أغلبية الاصوات، ونظرا لهذه الأهمية، فإن الشعب المغربي لايكف عن طرح العديد من التساؤلات، يتعلق بعضها بالمنجزات التي تحققت من طرف الحكومة التي قادها حزب العدالة والتنمية، ويتعلق بعضها الآخر بالصفة الإسلامية التي ينتحلها هذا الاخير .
فبالنسبة للمنجزات ذات الطبيعة الاقتصادية والاجتماعية فاعتقد أن تقييمها وإصدار حكم موضوعي عليها يتطلب دراسة مضنية لتحديد الإكراهات التي واجهتها حكومة (بن كيران)، وضبط ما تحقق على أرض الواقع في شكل أرقام تتعلق بالتنمية بشكل عام كالدخل الوطني ومعدلات البطالة ونسب التضخم المالي والعجزالتجاري، وما إلى ذلك من الأمور التقنية التي تدخل ضمن اختصاصات أهل الخبرة .. ومثل هذه الأمور، لايستطيع الناخب الحصول عليها، نظرا لضعف الإعلام بشكل عام، وخجله وقلة جرأته، وربما تبعيته لجهات تتضارب مصالحها وتناقض المعطيات التي تصدر عن الجهات المعنية .. وكمواطن عادي فإنه من الصعب جدا أن أكون موقفا موضوعيا حول هذه القضايا .. ونتمنى أن يتجند الغيورون على وطنهم لينيروا الرأي العام الوطني بمختلف المعطيات حتى يتمكن المنتخبون من تقييم عمل الأحزاب، ويصوتون على من يستحق شرف تمثيل الشعب المغربي، ويكون عند حسن ظن قائد البلاد رعاه الله .
أما الصفة “الإسلامية التي يتميز بها ( حزب العدالة والتنمية ) في نظر العامة من الشعب، فتحتاج في نظري المتواضع إلى الملاحظات الآتية .
أولا – إذا كان أعضاء (حزب العدالة والتنمية)، وخاصة قاداته مسلمين، فإن مجموع الشعب المغربي مسلم والحمد لله، وأن الحكومات التي تعاقبت على تسيير الشأن العام كان أعضاؤها لايقلون إسلاما من (السيد بن كيران) أو(السيدالخلفي) أو(السيد يتيم ) أوغيرهم من رموزالحزب الإسلامي .
ثانيا – اذا كانت الحركات الإسلامية السياسية تهدف إلى اعتماد المرجعية الإسلامية التي لا تعلو عليها أي مرجعية وضعية، وإلى خلق قيمة مضافة لإغناء ما توصلت إليه التجارب البشرية في مجال تسيير الشأن العام، فإن مثل هذه الغايات لم يظهرلها أي أثر في الممارسة السياسية التي تزعمها الحزب الموصوف بالإسلامي تعسفا.
ثالثا – إن تصويت أغلبية المواطنين على حزب العدالة والتنمية كان بأمل إيجاد حكومة بديلة تنزل قواعد الإسلام الكلية على أرض الواقع فتحقق العدل والمساواة، وتحارب الفساد وترفع الظلم عن الضعفاء وتخلق الثروة وترد مال الأغنياء على الفقراء وتحقق الكفاف والغنى عن المؤسسات الربوية وعن المساعدات والهبات المذلة.
وخلاصة القول، فإن طموح الشعب المسلم قد تبخر، وأن ثقته في بديل سياسي إسلامي حداثي عقلاني قد تزعزعت، وأمام هذا الابتلاء نتمنى ألا يفقد المواطن أمله، وأن يعي جيدا أن (حكومة بن كيران) ليست هي الإسلام، وأن قادتها لم يبذلوا وسعهم حتى يتذرعوا بقوله سبحانه “اتقوا الله مااستطعتم”.
