زمن الرقابة على الصحافة والإعلام ولـى ..!
لم نكن متحمسون للحوار معك يا مدير نشر الأحداث المغربية حول موضوع واجهتك ليوم 01 ابريل الجاري، لو لم تخرج عن ما كان يجب أن يقال عن زمن الرقابة الذي انتهى الحديث عنه، وعن ذكرياته الأليمة، بعد أن انخرطت أجيال جديدة من الفاعلين الذين رغم ما يلاحظ عليهم من ضعف في الممارسة المهنية تمكنوا من فرض مشروعية الحق في التعبير والرأي والمساءلة التي كان اللجوء إليها يؤدي إلى المتابعة والمنع.
ما نوافقك الرأي عليه هو تخوفك من التوسع الكمي والكيفي في المشهد الصحفي والإعلامي مع اتساع مساحة الحرية والتنافسية والتأهيل في صفوف الممارسين .. فحينما يراودك الإحساس بضرورة تقنين الممارسة الصحفية والإعلامية من قبل الرسميين فهذا يعني بالملموس أنك أصبحت تخاف على نموذج ممارستك الصحفية، في الوقت الذي يجب أن تكون متفائلا من مستقبل المشهد الصحفي والإعلامي الذي لا مفر من ارتقاء دوره الإخباري والرقابي والتنويري.
إن استعراض وتذكر سنوات أو عهد الرقابة التي كان يتعرض لها الصحفيون والإعلاميون يجب أن يكون في إطار المطالبة بما يجب أن تكون عليه الحريات والأخلاقيات والوسائط، كما هو واقع الممارسة الإعلامية والصحفية في هذا الزمن رغم تواضع بعضها وافتقار البعض إلى أبسط الشروط، ونعتقد في جريدة المستقلة بريس الإلكترونية، أن التعبئة والمتابعة والإرادة في أن يكون هناك تطور حقيقي لمشهدنا الإعلامي والصحفي هو الهاجس والموجه والمحرك نحو المستقبل، وأهم ما يجب أن يكون في الأولويات بالنسبة للفاعلين هو الاشتغال والتقييم الدائم للمنتوج الصحفي والإعلامي، حتى يكون بالفعل قادرا على عدم تذكر زمن الرقابة الذي بصمته مبادرات المهنيين المناضلين، الذين واجهوا قدرهم للتعبير عن وجهات نظرهم المخالفة والمعارضة التي عاشوها في فترة الرقابة التي حرمت المجتمع من المساهمة المواطنة والمستقلة للإعلام والصحافة التي كان يتطلع إليها المغاربة.
إن ضعف الأجيال الصحفية والإعلامية الجديدة لا يعود إليها، إنما يرتبط بالافتقار إلى الحوار بين هذه الأجيال وانعدام الثقة في ضرورة تفعيل هذا الحوار حتى يكون ممرا لإغناء التجربة والخبرة بين هذه الأجيال في أفق مساعدتها على تطوير تجاربها المهنية والرفع في النهاية من دور الصحافة والإعلام في المجتمع كسلطة رأي عام مهني يمارس وظائفه كما يجب أن تكون، وبخصوص التقنين والتنظيم تعرف يا مدير الأحداث المغربية أن ذلك يجب أن يقوم به الفاعلون لأنهم المعنيون به، وعليهم تقع مسؤولية التنظيم لا الأطرف التي تريد تقليص دور الإعلام والصحافة.
لا يا مدير نشر الأحداث المغربية، الرسميون الذين تنتظر مساهمتهم في تقنين وتنظيم الممارسة الصحفية والإعلامية يجهلون أبجدياتها ولا يتوفرون على ما يساعدهم على تطويرها وتوسيع مساحة حريتها، إلا إذا كنت تخشى على نموذج ممارستك من الاحتضار والإفلاس والشيخوخة، فالفاعلون في الإعلام والصحافة عموما يجب أن يتمتعوا بما يمكنهم بدون ضغوط ووصاية بيروقراطية .. قادرون على القيام بذلك عبر منظماتهم النقابية والجمعوية، وعبر جهاز أعلى منتخب منهم، سواء في إغناء المنظومة القانونية والتنظيمية أو في الفصل في القضايا والنزاعات التي تواجههم على تنظيم تكوينهم المستمر في التخصصات التي يتقنونها لذلك، لا يجب وأنت من تلاميذ قيدومنا محمد البريني الذي تعرف حرصه على أكسجين الحرية والحق في الرأي الآخر واحترام امتلاك الرؤيا الأخرى في تعامله مع المنتوج الصحفي الذي لم يكن يخشى فيه تدخل أي جهة أخرى حتى إدارة من تعاقبوا على صحف الاتحاد الاشتراكي، لا يجب أن تحن إلى زمن الرقابة.
تأكد يا صاحب عمود “في الواجهة” أن تلمس حضور قوي للإعلام والصحافة لن يكون إلا من خلال الأجيال التي تعمل فيه، وهذا لن يتم بدون حوار مجتمعي حقيقي بتأسيس كل جوانبه القانونية والأخلاقية والمهنية والاقتصادية .. وبالتالي، أنت ملزما وغيرك بالمساعدة في هذا الإطار من أجل الوعي حتى لا يتعرض الارتقاء بدور الإعلام والصحافة في مجتمعنا، ويتمكن الجميع من المشاركة في كل عمليات تنظيم وتقنين وتجويد وتخليق هذا المرفق العمومي الصحفي والإعلامي.