واقع التعليم والصحة والقضاء
*محمد الخضاري
بالرجوع إلى “مقدمة ابن خلدون”، الفصل الثالث والأربعون في أن” الظلم مؤذن بخراب العمران”( ابن خلدون: 1332 –1406م )، الذي أشار فيه إلى النتائج السلبية للظلم ومنع حقوق الناس، على المتقاضين وغير المتقاضين ، وبالرجوع إلى “منتيسكيو” الفيلسوف الفرنسي (1689 – 1755م )، صاحب نظرية “فصل السلط”، يمكننا القول أنه إذا استقام القضاء وعم العدل في المجتمعات، فكل القطاعات والمجالات الأخرى “ستستقيم” وتقوم، ومنها قطاع التربية والصحة. وكما سبق لنا أن أكدنا أن “العقل السليم في الجسم السليم”، وبالتالي هناك ارتباط وثيق بين التربية والتعليم والصحة. لكن لتكوين ونشأة المواطن الصالح، لا يمكننا الاكتفاء بشرطي صحة الجسم وصحة العقل، بل لا بد من شرط ثالث، ألا وهو شرط العدل المقرون بطمأنينة النفس.
في هذا الموضوع، نقدم كرونولوجيا لجزء من واقع القضاء في بلدنا المغرب، بالصوت والصورة لمواقع مختلفة، مع التركيز على موقع اهتم بمشاكل ونواقص القضاء. وفي هذا الصدد، لا يمكننا إلا أن ننوه بصحافي جريء ومقدام، والذي خاض إضرابا عن الطعام لمدة 24 ساعة ابتداء من يوم 02 يناير المنصرم، الساعة التاسعة ليلا، احتجاجا على ما يسميه “ظلما” في حق “قضاة شرفاء”. كل التقدير كذلك لمحام غيور على مصير القضاء، الذي تزعم “مسيرة الحزن على العدالة المغربية”. المسيرة مشيا على الأقدام، انطلقت من مدينة تطوان إلى سبتة المحتلة (45 كلم).
حسب رأينا، هم” قضاة رأي”، حيث لم يسبق لهم أن كانوا موضوع شكايات أو متابعات قضائية أو إدارية. ومنهم من أعرفه منذ أن كان تلميذا مجتهدا، متحديا كل العراقيل والحواجز الصعبة( فقد أباه وعمره خمس سنوات واحتضنته مؤسسة التاجموعتي بفاس).
جلسات ومرافعات واحتجاجات ومسيرات واعتقالات دفاعا عن كرامة العدالة وعن تطبيق القانون في دولة “الحق والقانون” بدستورها وقوانينها.
وكلما كان القاضي نزيها وعادلا ومتشبثا بتطبيق القانون ولا شيء غيره، كلما كان المتقاضي قويا وفخورا بدولة ” الحق والقانون” ومعتزا بأداء واجباته بكل اقتناع وحب لوطنه.
وما يؤسف له أن نصل إلى ممارسات غير إنسانية قبل أن تكون غير قانونية مع خلط ما هو سياسي وإداري مع ما هو قضائي وحقوقي.
وما يقع في صحرائنا المسترجعة من ريع سياسي ومادي واعتبارات قبلية لا يمكنه أن يشرف بلدنا المغرب. إننا نعيش في مغرب واحد بترابه ودستوره وقوانينه.
وفي مجال التربية والتكوين، كما في مجالات أخرى، ننهج أسلوب “الريع القبلي” (كما ننهج أسلوب “الكوطا الجنسية” في جميع تراب الوطن) كحالة “قاضي العيون”. ريع وفساد بكل المقاييس، وكمثال حالة”المسؤول الجهوي” عن التربية والتكوين الذي سبق أن أقاله الوزير السابق “الوفا” من مهمته، نظرا لارتكابه أخطاء مهنية فادحة. لكن سرعان ما تدخلت “القبيلة”بطريقة عهد البصري، لإرجاعه إلى منصبه إلى أن يتقاعد أو لا يتقاعد لتحمل مسؤولية أخرى…
والغريب في الأمر (أو ليس غريبا بالنسبة لنا) استمر هذا المسؤول في خرقه للقانون في جهة الشاوية ورديغة (حسب التقسيم السابق).
ونحن عندما نحارب الفساد والريع لا نجعل له حدودا جغرافية أوعرقية أو قبلية أو دينية … نحن في وطن موحد وتحت راية واحدة وليطبق القانون ولا شيء غير القانون في مغربنا الواحد.
*باحث تربوي وكاتب رأي