تقرير الجامعة الوطنية للماء الصالح للشرب
مراد لكحل
مخططات الإدارة العامة للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب ومن ورائها الدولة الرامية القضاء على مرفقنا العمومي وتسليع خدماته وضرورات مقاومتها درءا للأخطار المحدقة بالقطاع والمستخدمين
لقد نهجت الدولة ومررت العشرات من المخططات تم قننتها وسطرتها منذ سنة 1993، وسارت عليها من أجل تفويت المرفق العمومي إلى القطاع الخاص، سواء منه المحلي أو الدولي لتمويل الديون الناتجة عن التبعية للدوائر الامبريالية أو من أجل الانقضاض على المجالات العمومية المربحة بأموال بخسة للرأسماليين لتنمية مواردها المالية و الاغتناء الفاحش بالطرق السهلة.
ولقد سلكت بذلك عدة طرق، سواء عبر تأهيل القطاع العمومي والمؤسسات العمومية بالتفويت التدريجي للخدمات ووقف الاستخدام واعتماد التوقيت المستمر والمغادرة الطوعية، وإعادة تجهيز هذه المؤسسات عبر إعادة هيكلتها وعبر سن ترسانة من القوانين المشرعنة للخوصصة، سواء منها القانون 89-39، أو قانون التدبير المفوض وبرامج العقدة مع المؤسسات العمومية والقانون 00-69، المتعلق بالمراقبة القبلية أو البعدية للمنشآت العامة والقوانين التطبيقية له، أو المرافق المسيرة بصورة مستقلة (المؤسسات الصحية والتعليمية…) وخلق الصناديق الوطنية الممولة من أموال الشعب أساسا بطرق تحايلية والوكالات الوطنية للتدبير والتهيئ للخوصصة، إلى غير ذلك من الآليات و القوانين وتهيئ المؤسسات المربحة واستدراجها للخوصصة عبر تصنيفها المرحلي إلى هيآت عامة وشركات الدولة إلى شركات تابعة أو المختلطة، أو المقاولات ذات الامتياز والتعامل مع كل منها وتصنيفه وتأهيله تدريجيا للطريق الأنسب لتفويته إلى القطاع الخاص، مما مكن الدولة من تفويت العشرات من المؤسسات العمومية تفوق 46 مؤسسة سنة 2010، تم استخلاص منها لوحدها بعد بيعها لما قدره 101 مليار درهم، تم ضخها في الصندوقين المحدثين، هما صندوق الحسن الثاني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، والصندوق الوطني لدعم الاستثمارات بنصف الأموال المتحصلة من عملية البيع لكل واحد منهما، لدعم الاستثمارات واستعمالها كرافعة للاستثمار في القطاعات والمجالات المربحة فيما يسمى بالشراكة بين القطاع الخاص والعام، والتدخل كذلك في المجالات الاجتماعية التي استفحلت أوضاع الجماهير بها لما يسمى بالتنمية البشرية والسكن غير اللائق.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل تعداه إلى تمويل برامج ومشاريع تتعلق بمخطط المغرب الأخضر هدفت من ورائه خوصصة مياه السقي، كما فعلت بمياه سد أولوز لنقلها إلى سبت الكردان عن طريقه شركة أمان سوس وتوسيع العملية إلى كل من جهة تادلة واللوكوس وملوية، والى المساهمة في تمويل محطة تحلية مياه البحر بأكادير لسقي الأراضي الفلاحية الكبرى المتواجدة بمنطقة اشتوكة ايت باها بصبيب 500 لتر في الثانية، وعرضه للتدبير المفوض لمدة 20 سنة، مما يبين مخطط ضرب الحق في الماء للمواطنين وتسليعه في مجال الري بالنسبة للقرى والبوادي، الشيء الذي تضرر منه الفلاحون والمعدمون وفرض عليهم أساليب إنتاج جديدة وفق مخطط المغرب الأخضر، إلى غير ذلك من المشاريع الأخرى لسنا بصدد تناولها في هذا التحليل والتي كلفت ادعاءات هذا الصندوق مع نهاية دجنبر 2009 ماقدره 17.9 مليار درهم.
ومن بين المخططات الجهنمية التي أصبحت الدولة تسلكها لتفويت المنشآت العامة هو عملية الإدماج. وهو ما أقدمت عليه حين سنت قانون 00-65، المتعلق بالتغطية الصحية الإجبارية AMO مدمجة بذلك مهام بعض التعاضديات، وخاصة الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي المتعلق بموظفي ومستخدمي القطاع العام والشبه العمومي، ومهام الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي المتعلق بمأجوري القطاع الخاص، وخلق بذلك وكالة تنمية كآلية للتدبير والتسيير ووضعت مشروع مخطط يسمى مدونة التعاضد تتحين الفرص لتمريره كبديل تراجعي عن ظهير 1963، لضرب كافة المكتسبات الواردة فيه من أجل القضاء على الجانب التعاضدي في المجال الصحي، وعملت على تمرير مخطط آخر يستهدف مجال التقاعد، كلفت بذلك مكتب الدراسات الفرنسي اكتوريا ACTURIA لسنوات خلت للبحث عن سد العجز الذي تعرفه صناديق الدولة الأربعة المتعلقة بالقطاع العام والخاص على حد سواء، والذي تتحمل فيه الدولة مسؤوليتها، سواء عبر عدم تسديد مستحقات المنخرطين من سنوات الستين من القرن الماضي إلى ما بعد الألفين، أو عبر السماح للباطرونا لأزيد من عشر سنوات من تسديد مستحقاتها للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والتساهل معها سواء من خلال سوء تدبير الأموال المتحصلة والمودعة لدى صندوق الإيداع والتدبير وعدم ترويجها في المجالات الاجتماعية لتنميتها، بل وإسقاط هذا العجز على المنخرطين وضرب مبدأ التعاضد والتكافل والتضامن بين الأجيال المبني أساسه على هاته الأنظمة، وتعمد حاليا على تمرير مخططا اتجاه الصندوق المغربي للتقاعد عبر الزيادة في الاقتطاعات والزيادة التدريجية في سن التقاعد إلى 65 سنة في أفق 2020، وضرب مبدأ السنوات المقضات وآخر راتب براتب معاش يعادل العشرية الأخيرة من العمل وضرب معدل السن الحقيقي للحياة بالمغرب الذي يختلف عن قرينه مثلا بفرنسا المتحضرة بعشر سنوات، ولم تقف دراستها التراجعية في هذا المجال عند هذا الحد، بل تعدته إلى اعتماد في الأمد القريب أسلوب دمج الصندوق المغربي للتقاعد والنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد من جهة والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي مع الصندوق المهني المغربي للتقاعد المتعلق بمأجوري القطاع الخاص بغية دمجهم جميعا في نظام تقاعد واحد مع فتح إمكانية الانخراط في صناديق تكميلية مؤدى عنها هي الأخرى.
وتعمل كذلك في عملية الجمع هاته بين بعض المؤسسات حين القيام بعملية الشراكة بين المجمع الشريف للفوسفاط والبنك المركزي الشعبي وبين المكتب الوطني المغربي للسياحة والشركة المغربية للهندسة السياحية.
وفي هذا الإطار، فقد عمدت الدولة إلى إخراج مخطط 09-40، المتعلق بإدماج المكتب الوطني للكهرباء والمكتب الوطني للماء الصالح للشرب شهر يوليوز 2009، الذي تمت المصادقة عليه في المجلس الوزاري أواخر يونيو 2009، وصودق عليه في البرلمان بغرفتيه وتم ساري المفعول به ابتداء من 24 أبريل 2012.
ولقد قامت جامعتنا بدراسة أولية حول هذا المخطط شهر غشت 2009، وتم عقد لقاء خاص بالموضوع مع الإدارة العامة، يوم 12 أكتوبر 2010، بغية معرفة كل الملابسات المحيطة به من أجل صيانة كافة مكتسبات المستخدمين ومستقبلهم ومسارهم الإداري للحفاظ على عمومية قطاعنا وعلى منشآته وخدماته، وطرحنا موقفنا آنذاك على الصحافة الوطنية استنادا إلى أهداف مؤتمرنا الوطني الثاني عشر الذي أعطى كبير الاهتمام لهذا الموضوع، وقامت جامعتنا الوطنية بعدة اتصالات، سواء في الاتحاد المغربي للشغل وبعض الفرق البرلمانية والقيام بدراسة جديدة شهر فبراير 2011، ثم بالعديد من الاحتجاجات أمام البرلمان والإدارة العامة توجت بتوقيع برتوكول اتفاقي مع الإدارة العامة ليلة 23 أبريل 2012، لصيانة المكتسبات المتعلقة بالمستخدمين بالقطاع شغليا، نقابيا، إداريا، اجتماعيا وأجريا.
إن القانون المحدث للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب 09-40 شرعن للجان يحدثها المجلس الإداري للمكتب الجديد بشأن إحداث شركات تدخل ضمن مهام المكتب، سواء في الإنتاج وغيره، وذلك استنادا إلى ما كان واردا في ظهير 1963، المحدث للمكتب الوطني للكهرباء بعد تتميمه و الذي يشرعن في فصوله الثاني و الثاني مكرر و الثالث لإحداث شركات للإنتاج وتقنيين ذلك في إطار القانون المعمول به حاليا.
وهذا ما يتبين من خلال أن المكتب الوطني للكهرباء وقبل جمعه مع مكتبنا لم يكن ينتج سوى 32 % من إنتاج الكهرباء تاركا لشركة الجرف الأصفر قرابة 40 % من الطاقة الكهربائية و 11.5 % من محطة تهدارت ومن الخارج أي الجزائر واسبانيا 18.5% من الطاقة، عكس مكتب الماء الذي ينتج مايقارب 100% من الماء الشروب وطنيا.
إن عملية الدمج هاته دفعت بالسياسة المتبعة إلى اعتماد الكهرباء سواء بالطاقة الشمسية والريحية وإلى وحدات إنتاج الطاقة بالغاز وبمحطات الدييزل ومركبات هيدرومائية عبر أرجاء التراب الوطني سيتمكن من تسييرها شركات مثل الوكالة المغربية للطاقة الشمسية والوكالة الوطنية لتنمية الطاقات المتجددة والنجاعة الطاقية التي ستعمل على السهر على إنتاج الطاقة الكهربائية، وتحرير إنتاجه لفائدة خواص يتم الاكتفاء معها بالربط بها بعد توفير بنيتها التحتية من أمواله الذاتية أو المقترضة بشراكة مع الدولة عبر صندوق التنمية الطاقية وغيره، وشراء الطاقة من هاته الشركات بأثمنتها المعروضة عليها من أجل نقلها ثم العمل على إيصالها إلى التوزيع والتسويق. وبخصوص إنتاج الماء كذلك الذي وجه من أجل السير على نهج خوصصة الإنتاج، وفي هذا الإطار، فإن محطة تحلية مياه البحر بأكادير التي سيعمد على تفويتها للتدبير المفوض لمدة عشرين سنة ومحطات التحلية الأخرى التي هي في طور الإنجاز عبر الخلق أو التوسيع سواء بزاكورة أو خريبكة أو بوجودر و طانطان و العيون و الحسيمة و سيدي افني و طرفاية ثم بتنمية إنتاجية المياه السطحية ونقلها إلى المجالات الحضرية و تفويت ذلك للتدبير المفوض أو الخوصصة كما يقرها القانون 09-40 .
هذا ناهيك عن التوسع في عملية التطهير ثم تصفيتها لإعادة استعمالها بالمناطق والتي تتحمل أعباءها الدولة بمن فيها الجماعات المحلية بنسبة 30 % تاركة للمكتب ووكالات التوزيع الاثنى عشر 70% من تحمل تمويل هاته المشاريع في وقت أن وزير الداخلية يبقى هو الآمر بصرف موارد التطهير و صرف نفقاته.
ينضاف إلى ذلك المخطط الخطير الذي تعتبره الدولة بالنسبة لها في ظل قانون مالية 2014 و قانون 09-40 مرحلة حاسمة تهدف إلى تنفيذ النموذج متعدد الخدمات في مجال التوزيع، حيث ستعهد إلى فاعل واحد تدبير خدمات المياه الصالحة للشرب و التطهير والكهرباء في مجالات ترابية محددة ذات محيط شاسع للتوصل إلى حجم عمليات مهم و هو شرط أساسي للتحكم في التكلفة.
إن ما يتبين من ذلك أن الدولة تهدف من عملية التجميع الحالية للوصول إلى عملية الدمج التي انعكست ماليا على المكتب المحدث، نظرا للوضعية المالية السلبية للمكتب الوطني للكهرباء، و نظرا للمشاريع الكبرى في مجال بناء المحطات لإنتاج الطاقة و الماء بمختلف أشكالها، وفي مجال النقل الذي سيحدث بسببها و تكلفات التطهير المتزايدة وإعادة تصفية مياه التطهير و توسعة التوزيع وجمع عمليات التوزيع للكهرباء و الماء والتطهير السائل في مجالات جغرافية محددة في إطار الجهوية الجديدة، والتسرع و التسابق مع الزمن في إنجاز كل ذلك دفعة واحدة غير عابئة للأضرار المحدقة بالمرفق العمومي رغم العجز الحاصل للمكتب الوطني للكهرباء سابقا، ناهيك عن العجز المالي الناتج عن الجوانب المرتبطة بالموارد البشرية به لوحدها وخاصة منه مستحقات إدخال مستخدميه في النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد الذي يتجاوز حاليا 20 مليار درهم. و العجز الحاصل للمكتب الجديد بسبب جمع المكتبين من خلال القانون 09-40 الذي تطلب جمع ماليتهما وغيره للمشاريع الكبرى المرتبطة بالطاقة والماء والتطهير وتعميم الطاقة والماء للقرى والبوادي، والديون الكبرى التي تعد بعشرات ملايير الدراهم المتطلبة لإنجاز المشاريع ستؤدي لا محالة إلى إثقال كاهل هذا المرفق العمومي بشكل مقصود ليتولد و تنتعش من بين أحشائه شركات خاصة تعني بالإنتاج بمختلف أشكاله في مجال الطاقة والماء، وتفويت مجال عمله في التوزيع بمختلف أشكاله إلى الجهوية ليتقلص دوره إلى النقل والتطهير إلى حد ما، والإنتاج بشكل محدود والمواكبة والمراقبة بغية تحرير السوق لهاته المادات الحيوية.
إن الدولة بسياستها هاته تعمل دائما على حل أزمتها سواء على حساب المرفق العمومي لإزاحة كل ما هو مربح، وعلى حساب المواطن لتحميله هو الآخر عبء الزيادة في أسعار الكهرباء والماء والتطهير للتنفيس على أزمتها، وعدم تحمل عبء ذلك مثلما تفعل في كل المجالات.
إنه رغم الوضعية المالية السلبية للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب و الناتجة عما ذكر سلفا، فإن الدولة والشركات الخاصة والأخرى ستجني من وراء إنجاز المشاريع الكبرى الكثيرة أرباحا طائلة على المدى المتوسط فإنه لا يجب أن يتحمل أعباءها المواطن، خاصة وأن الكهرباء والماء والتطهير هي مواد حيوية لا يجب أن يخضعا و يتركا عرضة للسوق كأية مادة من المواد، ولذلك، يتوجب إبقاء كافة الأشطر الاجتماعية على حالها رغم ما يعانيه المواطن المتوسط من جراء أثمنتها الحالية ودراسة إمكانية إعادة النظر في أثمنة الشركات الكبرى والفنادق السياحية وغيرها من ذوي الأموال، ومراعاة ضبط تأثير ذلك بضمان عدم انعكاسه على الحياة والأوضاع الاقتصادية للمواطنين. وكانت مدركة لما يمكن أن يترتب عن ذلك فأصدرت مسودة بروتوكول اتفاقي كورقة من ضمن أوراق المؤتمر بغية النضال عليها لفرض التوقيع مع الإدارة العامة على بروتوكول اتفاقي قبيل 24 ابريل 2012، تاريخ جمع المكتبين. و أصدرت شهر فبراير 2011، دراسة معمقة تروم القانون 09-40، وعملية الجمع من كل جوانبها المالية والعقارية والشغلية والإدارية والقانونية والبشرية. و قامت بإضرابات وطنية بغية الصياغة المشتركة للبروتوكول الاتفاقي والذي كان يتضمن بداية ملاءمة أوضاع العاملين بكلا القطاعين خلال المرحلة الانتقالية أي إلى حين سن قانون أساسي يوحد كل العاملين بالمكتب الجديد. فاستجابت الإدارة لمطلبنا، وعملنا معا في لجنة مصغرة صاغت فيها بروتوكولا اتفاقي أولي تضمن في البداية صون كل المكتسبات النقابية و الشغلية و الإدارية و الاجتماعية و الخدماتية و كذلك ملاءمة الأوضاع للعاملين بقطاع الماء مع إخوانهم بقطاع الكهرباء بما فيها المطالب الملحة الأجرية و الإدارية.إلا أن الإدارة العامة في نهاية المطاف تضرعت بعدم إيراد كل ما يشير إلى أي مطلب جديد بحكم لم يعين بعد المدير العام الجديد على رأس المكتب الوطني للكهرباء و الماء الصالح للشرب. و بالتالي فإنه تم تأجيل كل مطالب الملاءمة و المطالب العالقة للجامعة إلى حين التعيين بمباركة واتفاق مع الإدارة العامة، واكتفت الجامعة الوطنية بصياغة البروتوكول الاتفاقي الذي يصون كافة المكتسبات شغليا و نقابيا و إداريا واجتماعيا الذي تم التوقيع عليه من كلا الطرفين بحضور السيد المدير العام ومديري الأقطاب وبعض المديرين المركزيين. و ارتأت جامعتنا على وضعها لدى المدير العام ليلة 23ابريل 2012، مطالبها الملحة الأجرية و الإدارية بغية الاستئناس والمتابعة من طرف الإدارة العامة و بقي الوضع كذلك إلى أن تم تعيين السيد المدير العام نفسه على رأس إدارة المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، فاستبشرنا خيرا بحكم ما عهدناه من حوار مسؤول مع الإدارة السابقة لسنوات خلت كانت تتوج سنويا بمحضر اتفاق تحققت خلالها العديد من المكتسبات أجريا و إداريا و اجتماعيا و نقابيا. و اتصلنا بالإدارة العامة القديمة الجديدة وطالبنا بفتح حوار وبتفاوض جاد ومسؤول استنادا إلى ما كان متفقا على ذلك من قبل. ولاحظنا أن هناك بعض التماطل مفاده أن الإدارة العامة بصدد إرساء الأسس الأولية للإدارة الجديدة والجلوس مع المسؤولين، مما اضطرنا إلى القيام بإضرابات وطنية من أجل إيلاء الاهتمام كذلك للعنصر البشري وعدم تغييبه في عملية الجمع هاته. مما أجبر إدارتنا العامة على الجلوس مع جامعتنا الوطنية يوم 4 يناير 2013، وخلص الاجتماع إلى برمجة حوار بين جامعتنا و الإدارة العامة تحت إشراف مديرية قطب الموارد للبث و إيجاد حلول للمطالب الملحة الأجرية و الإدارية المعروضة عليها منذ ليلة 23 أبريل 2012، ليلة التوقيع على البروتوكول الاتفاقي. هاته الحوارات التي حدد سقفها السيد المدير العام بألا تتجاوز الثلاثة أشهر، بحيث أن الإدارة العامة ترتقب برنامج العقدة وعقد المجلس الإداري للمكتب الجديد نهاية شهر مارس أو بداية شهر ابريل 2013.
و كنا ننتظر من مديرية قطب الموارد أن تستدعي جامعتنا للتحاور و التفاوض على ملفها المطلبي، واكتمل مرور ثلاثة أشهر، مما اضطرنا إلى مراسلة السيد المدير العام مستنكرين التماطل الذي تنهجه الإدارة معنا، مما أجبر مديرية قطب الموارد و المديريات المعنية على عقد لقائين يتيمين معنا، تبين من خلالهما التراجع عن المطلب الذي يمكن الأرامل من المكتسبات الاجتماعية التي أقرها المدير العام في لقاء 04 يناير 2013، و بمحاولة التملص من التعويض عن القفة بسبب أنها تتطلب دراسة مكتملة، و بخلق لجنة تتداول في ملف الزيادة من قيمة إعانة الكراء على غرار ماهو معمول به مع إخواننا بالمكتب الوطني للكهرباء سابقا. و اتفقنا كذلك على التفكير المشترك و البحث لإيجاد حل لمشكل إخواننا أطر التنفيذ بعلاقة مع مطلب حذف السلاليم عبر الاطلاع عما تم العمل به بالجماعات المحلية والمكتب الوطني للسكك الحديدية وبالمحافظة العقارية و غيرهم .. و رغم ذلك، فقد عبرنا عن رغبتنا في متابعة الحوار و تابعنا لقاء حول الزيادة في إعانة الكراء رغم عدم حضور غير وازن للإدارة فيه، ووصلنا إلى دراسة اتفاق تروم ثلاثة اقتراحات بخصوص هاته الزيادة والتي بلغنا رفض الإدارة لهاته الاقتراحات، مما اضطر جامعتنا إلى خوض وقفة احتجاجية وطنية أمام الباطكس ليلة 23 أبريل 2013، الذكرى الأولى للتوقيع على البروتوكول الاتفاقي.
إن ما سلكته إدارتنا العامة ومن ورائها الدولة، خاصة بعد تعيين المدير العام على رأس المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، هو إيلاء كبير الاهتمام للإستراتيجية الجديدة للمكتب، الطاقية منها والمائية بصرف عشرات الملايير من الدراهم على الطاقات المتجددة، الشمسية و الريحية وعلى المحطات الحرارية وعبر صيانة المحطات الكهرومائية وبناء محطات أخرى بالسدود الجديدة وعلى محطات تحليات المياه البحرية والجوفية والمشاريع الكبرى للتزود، ونقل المياه السطحية و إعادة استعمال المياه العادمة مع كل ما يستلزم ذلك وفي مدة زمنية قصيرة انعكست سلبا على مالية المكتب الجديد و أغرقته بالديون لتضعه مستقبلا على حافة الإفلاس لينعم بهذه المشاريع الكبرى القطاع الخاص الدولي والمحلي مستعملة بذلك عنصر المباغثة حين الإسراع في تنفيذ هذا المخطط الاستراتيجي غير عابئين (الإدارة والدولة) بآليات التداولية وبالهيآت التشريعية وبالقانون 09-40 المنشئ للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب المنصوص فيه صراحة على الحفاظ على صبغته التجارية والصناعية غير مهتمين بالعنصر البشري العامل به، بل والمضي في تنفيذ المخطط في مجال التوزيع عبر وضع اللبنات للشركات الجهوية المتعددة الاختصاصات في مجالات توزيع وتسويق الكهرباء والماء والتطهير السائل تزامنا مع الجهوية الحالية تم تدشينه بالبيضاء ومحاولة تمريره بجهة أكادير ليعمم على باقي الجهات المحدثة، والذي سيرمي بالمئات من العاملين خارج إطار المكتب والذين بالمناسبة لن يشملهم القانون الأساسي المرتقب بالمكتب، بحيث سيتبعون إلى شركات خاصة تابعة للجهات المستحدثة مع ما يتبع ذلك من عصف بمنشآتنا وعقاراتنا المرتبطة بالتوزيع.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل تعداه حاليا بهرولة الإدارة العامة بالجهات والأقاليم بتفويت العقارات التي اكتسبها القطاع بالكد والتفان في العمل الذي قدمه مستخدموه طيلة عقود من الزمن، وتقديمه في طابق من ذهب للقطاع الخاص بذريعة عدم الحاجة إليه. وبشكل موازي تقوم الإدارة حاليا بعد الدراسة مع الدولة إلى البدء في الشروع في عملية الإدماج بعد عملية جمع المكتبين، وخاصة في مجالات العمل المشابهة بهما مركزيا وجهويا (الوسائل العامة- القانونية- الصفقاتية- الموارد البشرية- المالية- المحاسباتية- المعلوماتية…) الشيء الذي سيخلق تدمرا كبيرا لفئات عريضة وواسعة من العاملين بهذه المجالات، نظرا لاختلاف طرق العمل وتعدد ثقافات الشغلية والمهنية بين قطاعي الكهرباء والماء، ينضاف إليهما التوجه الجديد المراد وضعه لهاته الفئات دون نسيان الانعكاسات السلبية ووقعها على مستوى التعيينات الجديدة التي ستوضع على انقاد الهياكل والهرمية الإدارية القديمة مما سيخلف أوضاع عدم الاستقرار.
هذا ما يبرر إبعاد جامعتنا الوطنية في هاته المرحلة الانتقالية من أي حوار و عدم إشراكها في كل ما يتدبر للقطاع من مخاطر في تجاهل تام للعنصر الأساسي في المعادلة الذي هو العنصر البشري ونزع عنه الصفة الإنسانية ليصبح في نظرهم إرضاء لواضعي هذه المخططات الجهنمية الدوليين منهم والمحليين بضاعة سهلة سيتم تحويلها وفق مشيئتهم وقت إرساء أسس الإستراتيجية الجديدة السالف ذكرها على أرض الواقع.
لكل ذلك، فإن الجامعة الوطنية للماء الصالح للشرب ومن ورائها مناضلاتها و مناضلوها والمستخدمات والمستخدمون عازمة على التصدي لهاته المخططات الجهنمية التي ترمي إلى نزع الصفة التجارية والصناعية عن مكتبنا ولمقاومة الدفاع عن عمومية قطاعنا وعلى منشآته وعقاراته وخدماته، ولصيانة مكتسبات المستخدمين وللحفاظ على مصيرهم ومستقبلهم المهني، وهذا ما دفعها مرغمة بعد تغييبها المقصود للخوض في معاركها النضالية بشرف وبعزم لا يلين من أجل فتح حوار جاد معها لدرء كل الأخطار المحدقة بالقطاع وبالمستخدمين وتحقيق مطالبها العادلة، وفي نفس الآن تحاور إخوانها في الطاقة من أجل البحث عن كل السبل لتوحيد الرؤى واتخاذ معارك نضالية موحدة لمواجهة المصير المشترك.
وتوجه نداءها إلى كل الضمائر الحية بالبلاد وإلى كل القوى الوطنية والديموقراطية و إلى الجمعيات الحقوقية ولا تلك ذات الصلة بالموضوع وإلى الإعلام الوطني لمساندتها في الدفاع عن مرفقها العمومي الحيوي ولخدمة المواطنين.