الإعلام بكل مكوناته يعد المرآة التي تعكس كل كبيرة وصغيرة .. و هو بالدرجة الأولى من يتحتم عليه أن ينور الرأي العام الوطني قبل العالمي، ويغطي جميع الأحداث في الوقت المناسب .. خاصة، في عصر الثورة الإعلامية التي نعيشها، وتحول الإعلام إلى أداة نقل مباشر للحدث، بالصوت والصورة وبالزمان والمكان الذي تجري فيهما الأحداث، بما فيها القضايا التي تشغل المجتمعات البشرية، بمختلف تنوعاتها .. الأمر الذي أعطى للإعلام قوة الحضور، وقدرة على تشكيل الرأي العام
لا يجادل عاقل في أن قناتنا الأولى من واجبها أن تعمل بهذا المنطق، بل ومن أولويات مهمتها المهنية أن تخبر المواطنين -الذين يدفعون المقابل- بكل ما استجد من حولهم في لحظة وقوعه، وأن تحترم في نفس الوقت مشاعرهم، وتكون لهم بمثابة الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى
وإن ما جعلنا نستهل كلمتنا بهذه المقدمة هو
أسلوب اللامبالاة الذي تعاملت به تلفزتنا (القناة الأولى) مع الحدث المفجع، الذي
حل يومه السبت 21 دجنبر الجاري بمدينة الدارالبيضاء .. ونخص بالذكر، نبأ وفاة
المرحوم الممثل محمد الخلفي، الذي وافته المنية عن عمر ناهز
السابعة والثمانين سنة، بعد معاناة طويلة مع المرض .. الحدث الذي أدمى قلوب كافة أفراد المجتمع
وروع الجميع، لأنه بموته، انتهت مسيرة أحد أعمدة المسرح
والتلفزيون والسينما
بالمناسبة، الأمر الذي كان يفرض نفسه على القناة المذكورة، هو إعادة النظر في البرمجة والعمل على تغيير ما كان مسطرا .. وبالخصوص حلقة (جماعتنا زينة) التي كانت ستكون كذلك لو لم يصادف نقلها حدث وداع القامة الفنية الكبيرة .. لكن، المسؤولين لم يعيروا هذا الحدث أي اعتبار، وأبقوا على تنفيذ البرامج التي تم تخطيطها من قبل، بحيث تضمنت الحلقة -وكما شاهد الجميع- سهرة راقصة جمعت بين الضحك والتغني والتنكيت ..!
نعم، يحدث كل هذا وكأن شيئا لم يحدث، وكأن بلادنا لم تفجع من هول رحيل فنان أعطى الكثير للميدان الفني المغربي .. والغريب في الأمر، فقد اكتفى (الوصي على القطاع، أو بالأحرى “مسؤول البرامج”) بالتفرج من بعيد، دون التدخل للنهي عن المنكر الذي أصاب الناس، كما أوصى العزيز الجبار: (وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى ٱلْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنكَرِ ۚ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ) صدق الله العظيم
هذا التصرف اللاحضاري دفع أحد الظرفاء إلى دعوة المواطنين المغاربة إلى الامتناع عن دفع الضريبة المخصصة لتمويل القناة، ما دامت لا تحترم مشاعرهم ولا تشاركهم همومهم وأحزانهم، ومن منطلق أن خدمة الوطن و المواطنين جزء من الواجب الديني و الوطني، نجد أن القناة الأولى لم تعمل بهذا إطلاقا .. وليس لنا ما نختم به إلا قول إنا للـه وإنا إليه راجعون، وعزاؤنا في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة واحد في وفاة السي محمد الخلفي