أخبارنافذة على الثقافة و الفن

الخيال في العمل الفني

سعيد صابري

يقول الفيلسوف البريطاني “كولينجوود”: إننا قد نرى في العمل الفني كاللحن الموسيقي أو اللوحة والتمثال شيئا ماديا يؤثر في سمعنا أو بصرنا .. لكن، هذا العمل لا وجود له حتى يكتمل كفكرة في خيال المؤلف .. ثم نجده بعد ذلك يترجم إلى أصوات أو ألوان .. فالصوت واللون لا يكونان العمل الفني، بل هما مجرد وسائل عن طريقها يعيد المتذوق بناء اللحن الذي تخيل المؤلف مرة أخرى خياله .. ذلك، لأن العمل الفني هو في المقام الأول شيء متخيل .. لذلك، نجد أن فن التصوير بعد “سيزان” لم يعد يكفي لكي نتذوقه .. الاعتماد على الإحساس البصري باللون، بل أصبح يستدعي تجربة تتدخل فيها إحساسات اللمس والحركة العضلية .. ويرجع هذا إلى عامل الخيال الذي يجعلنا نتحرك داخل اللوحة

أليس الفـن هو من بين شتى القوى الروحية التي يملكها الإنسان .. تلك، القوة الخلاقة التي تستطيع أن تبني عالما بأكمله ..؟

أليس هو ذلك الساحر العجيب، الذي يوجه إلى العدم ضربة قاضية حين يدفع بمخلوقاته اللامادية وموجوداته المرئية التي تحتل مكانها تحت الشمس .. إذن، فلماذا إصرارنا بأن نقول أن الفـن هو أسلوبنا البشري في خلق عالم يكون غريبا عن الواقع ..عالم لا يكون مناظرا له .. ولا يمكن وصفه بأنه مجرد تعبير عنه ..؟

أما تلك المخلوقات التي يبدعها الفنانون، والتي طالما استهوت الناس في كل زمان ومكان .. فهي كائنات عجيبة تجمع بينها كلمة الفــن .. ولكنها، في الحقيقة مختلفات متباينات .. لهذا، هناك العديد من عظماء الفنانين والادباء والفلاسفة والمفکرين يؤکدون علي مکانة وأهمية الخيال وما له من دور رئيسي وهام في عملية التأليف والابتکار والإبداع

فليس الفـن إذن، مجرد تعبير عن الخيال أو الوجدان أو العاطفة .. وإنما هو لغة نوعية خاصة تعبر عن حاجة الإنسان إلى الخلق والإنتاج .. من أجل تحقيق ضرب من النشاط الإبداعي الذي يستطيع عن طريقه أن يخلع على الكون نفسه صبغة إنسانية محضة        

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق